للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلكم تتقون} (١) وقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا} (٢).

وقد يوجه التكليف إليه - صلى الله عليه وسلم - بالتعيين، كقوله تعالى: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً * واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيراً} (٣).

[الفرض والواجب، والحرام والمكروه، عند الحنفية، ومدى انطباقه على التكاليف النبوية]

من المعلوم أن الحنفية يفرقون بين الفرض والواجب:

فالفرض عندهم ما كان دليل التكليف به قطعياً. والواجب ما كان في دليله اضطراب.

ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيه الوحي من الله بطريق لا يشك فيه، لأنه كما قال تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلاّ وحياً، أو من وراء حجاب، أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء} (٤) فيأتيه الوحي مباشرة كالتكليم وحياً، أو من وراء حجاب، أو بسند هو رواية جبريل الأمين عن ربه عزّ وجل. فليس في الطريق شبهة، ومن أجل ذلك قال بعض الحنفية إن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - التي هو مكلّف بها حتماً، كلها من قبيل الفرض، وليس فيها من المسمّى (واجباً) في اصطلاحهم شيء.

ولكن البزدوي والسرخسي يثبتان الواجب مع الفرض. يقول البزدوي: "باب أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهي أربعة أقسام: مباح، ومستحب، وواجب، وفرض" (٥). وقال شارحه البخاري: "الشيخ (يعني البزدوي) وشمس الأئمة


(١) سورة البقرة: آية ٢١
(٢) سورة المائدة: آية ٨٧.
(٣) سورة الأحزاب: آية ١، ٢
(٤) سورة الشورى: آية ٥١
(٥) أصول البزدوي مع شرحه كشف الأسرار للبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>