للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما استحق المدح بترك الذنب، ولزال تكليفه، إذ لا تكليف بما لا يطاق، ولا ثواب عليه (١).

ب- وقيل: ليس العصمة أن يكون في نفس المعصوم أو بدنه خاصّيّة ليست في غير المعصوم، ولكن العصمة القدرة على الطاعة، وعدم القدرة على المعصية. وهذا قول الأشعري (٢). ومعناه إما أن الله يسلب من المعصوم القدرة على المعصية، فمفهوم العصمة على هذا عدمي. أو يخلق مانعاً يمنع العبد من المعصية، ومفهومها على هذا وجودي (٣).

٢ - وقيل المعصوم يمكنه الإتيان بالمعصية، ولكن الله يمنعه منها باللطف، بصرف دواعي المعصوم عن المعصية، بما يلهمه إياه من رغبة ورهبة، وكمال معرفة، كالتحقيق بقوله تعالى: {قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} (٤). وهذا قول المعتزلة.

واللطيف عند المعتزلة هو: "كل ما يختار المرء عنده الواجب، ويجتنب القبيح" أو"ما يكون العبد عنده أقرب إلى اختيار الواجب، أو ترك القبيح، مع تمكنه من الفعل في الحالين" (٥).

واللطف عندهم يسمى توفيقاً، أو عصمة؛ فإذا وافق اللطفُ فِعْلَ الطاعة يقال له توفيق، وإذا وافق اجتناب القبيح يسمى عصمة (٦).

[العصمة هل هي جائزة أو واجبة؟]

واضح من تعريف العصمة أن كل من وقي الوقوع في الذنب فقد عُصم منه. وفي حديث البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما استُخلفَ خليفةٌ إلّا كان له بطانتان، بطانة تأمره بالخير وتحضّه عليه،


(١) عضد الدين الإيجي: المواقف، وشرحه للشريف الجرجاني ٨/ ٢٨١
(٢) البحر المحيط للزركشي ٢/ ٢٤٦ب.
(٣) تيسير التحرير ٣/ ٣٠
(٤) سورة الأنعام: آية ١٥
(٥) د. عبد الكريم عثمان: نظرية التكليف، ص ٣٨٨، نقلاً عن المغني لعبد الجبار ١٣/ ٩٣.
(٦) المصدر نفسه ص ٣٨٧ نقلاً عن المغني لعبد الجبار ٢٠/ ٢٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>