للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - دليل التنفير: وهو دليل عقلي. وهو عمدة المعتزلة: قالوا: كلّ ما ينفر عن القبول من النبي - صلى الله عليه وسلم -، من الكذب فيما يؤديه وفي غير ما يؤديه، والكبائر، وصغائر الخسة ونحو ذلك، فيجب أن يكون معصوماً منه، لا يصدر عنه. ويكون لذلك معصوماً من الفظاظة والغلظة، وحتى عن كثير من المباحات القادحة في التعظيم. ويدخل فيه قول الشعر والكتابة، إذ كانت معجزة محمد - صلى الله عليه وسلم - الفصاحة، والإخبار عن الغيوب (١).

وقد ناقش الغزالي الاستدلال بالتنفير على العصمة، بقوله: "لا يجب عندنا عصمتهم من جميع ما ينفرّ، فقد كانت الحرب سِجالاً بينه وبين الكفار، مع أنه حُفظ عن الخطّ والكتاب لئلا يرتاب المبطلون. وقد ارتاب جماعة بسبب النسخ، وجماعة بسبب الآيات المتشابهات" (٢). اهـ.

وناقشه أيضاً صاحب (التحرير) (٣) في ما قبل البعث بقوله: "بعد صفاء السريرة، وحسن السيرة، ينعكس حالهم في القلوب (أي إلى التعظيم والإجلال) ويؤكده دلالة المعجزة، والمشاهدة واقعة به في آحاد انقادَ الخلق إلى إجلالهم، بعد العلم بما كانوا عليه. فلا معنى لإنكاره" اهـ.

فالحق أن دليل التنفير غير قائم، ولا يصح الاعتماد عليه في هذه المسألة.

٤ - دليل الإجماع: قالوا: أجمعت الأمة على عصمة الأنبياء. ولكن الأصوليين وغيرهم اختلفوا فيما ادّعوا الإجماع عليه من ذلك، فالقاضي عياض ذكر الإجماع على عصمتهم. ١ - في العقيدة. و٢ - في الأقوال البلاغية، عن العمد والسهو والنسيان والغلط وغير ذلك. و٣ - من الخُلف في الأقوال الدينية عمداً وسهواً. و٤ - من الذنوب الكبائر.

والرازي أنكر الإجماع فيها إذا كان سبيله السهو والغلط، دون العمد. وادّعى


(١) أبو الحسين البصري: المعتمد ١/ ٣٧١
(٢) المستصفى ٢/ ٤٩
(٣) ٣/ ٢٠ و٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>