للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثاله فعله - صلى الله عليه وسلم - لأعداد الركعات في الصلوات المكتوبات، هو بيان لقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} (١). وسئل - صلى الله عليه وسلم - عن أوقات الصلوات المفروضة، فقال للسائل: "صلِّ معنا هذين اليومين". فبيّن بفعله أول الوقت وآخره".

وشبيه بذلك أن يقع الفعل امتثالاً لآية دالة على الوجوب، فيعلم أنه واجب. ومثاله صوم شهر رمضان، فإنه واجب، لأنه امتثال لقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.

الثالث: أن يكون موافقاً لفعل نذَره. كما لو قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن هزم الله العدوّ غدا فله عليَّ أن أصوم يوم كذا، فصامه على إثر هزيمة العدو، فيعلم أن ذلك وقع وفاءً للنذر" (٢). وقد قال الزركشي: "أن يقع (الفعل) جزاءَ شرط، كفعل ما وجب بالنذر إن قلنا إن النذر غير مكروه" (٣).

الرابع: التسوية بين الفعل وفعل آخر في حكمهما (٤)، بأن يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً، ثم يقول: هذا الفعل مثل الفعل الفلاني، وقد علم حكم هذا الفعل الآخر.

ولو خُيِّر - صلى الله عليه وسلم - بين فعلين، أحدهما قد عُلم أنه واجب، فالآخر مثله، لأن التخيير يقتضي التسوية (٥)، إذ لا يمكن التخيير بين الواجب وما ليس بواجب.

الخامس: أن يكون وقوعه مع أمارة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للوجوب، كالصلاة بأذان وإقامة (٦). فلم يعهد في الشريعة الأذان والإقامة لصلاة غير واجبة.


(١) الجصاص: أصوله. مخطوط. ق. ٢١٠ أ. وابن حزم: الإحكام ص ١٣٨
(٢) الأسنوي: نهاية السول ٢/ ٦٣ وأبو شامة: المحقق ٣٥ أ.
(٣) البحر المحيط ٢/ ٣٥١ ب.
(٤) ابن السبكي: جمع الجوامع ٢/ ٩٨
(٥) البيضاوي: منهاج الأصول، وشرحه نهاية السول للأسنوي ٢/ ٦١، أبو شامة: المحقق ق ٣٥ أ.
(٦) أبو شامة: المحقق ق ٣٥ أ. ابن السبكي: جمع الجوامع ٢/ ٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>