للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن اتباع الأفعال قوله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} (١)، وقوله: {وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض} (٢).

وقد أورد بعضهم على الاحتجاج بالآيات المذكورة، أنها ليست عامة، بل مطلقة، والمطلق يتحقق في ضمن فرد من أفراده، فربما كان المراد اتباعه في القول خاصة.

وأجاب أبو الحسن البصري، بأن الإطلاق يقتضي صحة الاتّباع في كل ما يصدق عليه. قال: "إن إطلاق قوله {واتبعوه} وإن لم يفد العموم، فإنه يفيد أن لنا اتباعه في أفعاله لأن ذلك اتباع له، والخطاب مطلق" (٣).

ويرى القاضي عبد الجبار: "أن الاتباع إذا أطلق انصرف إلى اتباع الأفعال، كاتباع الإمام، أما طاعة الأقوال فتسمى "امتثالاً"، ولا تسمّى "اتباعاً" إلاّ مقيّداً" (٤).

الآية الثالثة: قوله تعالى: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهم وطراً} (٥) قال المستدلون بها: "لولا أن اتباعه - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعله يفيد الحكم الشرعي في حق الأمة، لما كان للآية معنى، لأن معناها: أنه ينتفي عنهم الحرج في نكاح مطلقات أدعيائهم، بكونه - صلى الله عليه وسلم - تزوّج مطلقة دعيه، وهذا لا يتمّ ما لم يكن متقرراً أن أفعاله حجة" (٦).

وقد اعترض على الاستدلال بالآية بأنها واردة في متابعته - صلى الله عليه وسلم - في تزوّج مطلقات الأدعياء، وليس فيها ما يدل على التأسّي في غير ذلك من الأفعال.


(١) سورة الطور: آية ٢١
(٢) سورة البقرة: آية ١٣٥
(٣) المعتمد ١/ ٣٨٤
(٤) المغني ١٧/ ٢٦٠، ٢٦١
(٥) سورة الأحزاب: آية ٣٧
(٦) انظر الآمدي ١/ ٢٦٦ - ٢٦٨، أبو الحسين البصري: المعتمد ١/ ٣٨٤، ابن تيمية مجموع الفتاوى الكبرى ١٥/ ٤٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>