للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن النوع الأول من المحبة والكراهة، وهي التي تدل على الحكم، ويقتدى به - صلى الله عليه وسلم - فيها، ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنه - صلى الله عليه وسلم -: "كان يحب التيامن ما استطاع في طهوره وتنعّله وترجّله وفي شأنه كله" (١). وكان يحب من أصحابه أبا بكر وعمر، وقال لمعاذ: "إني أحبّك" (٢).

وكان يكره النفاق والمنافقين، ويكره الكذب والكاذبين، وكان يكره أن يطأ أحد عقبه (٣).

وفي كل ذلك من أمره قدوة.

ومن النوع الثاني، وهو المحبة والكراهة الطبيعيتان، ما ورد عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب الحلواء والعسل (٤)، ويحب الدبّاء (٥)، وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد (٦). وكان أحب الطعام إليه الثريد من الخبز والثريد من الحيس (٧). وكان يكره ريح الحناء (٨). فلا قدوة في شيء من ذلك.

ومنه أنه - صلى الله عليه وسلم - ترك أكل الضبّ كراهةً له. قال: "أجدني أعافه" فلم يقتدِ به الصحابة في ذلك، بل أكله خالد بن الوليد على مائدته - صلى الله عليه وسلم -.

[الضرب الثاني]

الأفعال الجبلّيّة الاختيارية، وهي ما يفعله عن قصد وإرادة، ولكنها أفعال تدعو إليها ضرورته من حيث هو بشر، ويوقعها الإنسان قصداً عند شعوره بتلك


(١) متفق عليه (الفتح الكبير).
(٢) أحمد وأبو داود وابن حبان (الفتح الكبير ٣/ ٤٠١).
(٣) الحاكم في المستدرك (الفتح الكبير).
(٤) البخاري ومسلم والأربعة (الفتح الكبير).
(٥) أحمد والنسائي وابن ماجه عن أنس (الفتح الكبير) والدباء القرع.
(٦) متفق عليه (الفتح الكبير).
(٧) أبو داود والحاكم (الفتح الكبير) والحيس التمر يعجن بسمن وأقط ويخرج منه نواه.
(٨) أحمد وأبو داود والنسائي (الفتح الكبير).

<<  <  ج: ص:  >  >>