للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعادة، كل ذلك ليجلبوا استحسان السامعين واستغرابهم، وحتى يكون لكلامهم طلاوة، ويعود المستمعون إليه مرة بعد مرة.

فإذا كان الرواة على درجة عالية من التقوى والبصر والثقة والتشدّد، وتعدّدت طرق الرواية، جبر ذلك النقص، وصحّ الوثوق بهذا النوع من الأخبار.

[الاقتداء بالأفعال النبوية الخارقة للعادة]

لهذا الاقتداء موقعان:

لأنه إما أن يقتدي بما يسبق الفعل من أسبابه.

أو يقتدي بما يلحقه من فوائده.

أما الخارق نفسه فهو من فعل الله تعالى، ولا ينسب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا مجازاً.

أولاً: هل للمؤمن أن يعمل على حصول الكرامات الخارقة؟:

إذا وقع الخارق على يد نبي مثلاً، فوقوعه بالنسبة إليه اضطراريّ، إذ هو من فعل الله تعالى، لا يقدر عليه إلاّ الله. ولكن الذي بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبابه التي جعلها لله له أسباباً، كرميه - صلى الله عليه وسلم - التراب في وجوه الكفار، فأوصله الله إلى أعينهم، وقال: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} (١) وعندما عطش الجيش طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقية ماء في قدح فوضع يده فيه، ودعا الله، فَنَبَع الماءُ من بين أصابعه حتى ملأ الجيش كل ما عندهم من الآنية.

فهذا الرمي منه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الطلب للماء، ووضع يده فيه، ودعاء الله، هو سبب لحصول المعجزة (٢). فهل للمؤمن، اقتداءً بذلك، أن يحاول بالرياضة التوصل إلى التمكن من ذلك، وأن يفعل الأسباب الموصلة إلى الخوارق؟.


(١) سورة الأنفال: آية ١٧
(٢) الشاطبي: الموافقات ٢/ ٢٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>