للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا لو ورد الإخبار من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يفعل كذا أو لا يفعل كذا، فلا يدل على الاختصاص، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا آكل متكئاً".

الثالث: أن يعلم ذلك بالضرورة، كما إذا فعل فعلاً، ثم نهاهم عنه في وقت قريب (١). وكما إذا أمرهم بأمر، ثم ترك في الحال ما نهاهم عنه، أو نهاههم عن شيء وفعله في الحال، فيعلم أن حكم تركه أو فعله خاص به - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وكل هذا على طريقة المعتزلة، لأنهم لا يجيزون النسخ قبل التمكّن من الامتثال. أما عند غيرهم فيجوز النسخ قبل التمكن، فلا يكون هذا النوع دليل الخصوصية.

أما إن نهاهم عن الشيء وهو متلبِّس به، فينبغي أن يكون ذلك دليل الاختصاص عند المعتزلة وغيرهم، كما نهاهم عن الوصال وهو مواصل، ونهاهم عن نكاح أكثر من أربع وهو مقيم على ذلك.

وعلى قول المعتزلة، إن تأخّر الترك أو الفعل طرأ احتمالٌ بأن الحكم الأول قد نُسخ، فلا تتحقق الضرورة.

ومثاله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم أن يصلوا قياماً والإمام جالس، وصلّى بهم في مرض موته وهم قائمون وهو جالس.

فقيل: ذلك من خصائصه (٣).

وهو مردود، لما تقدم.

ثم قد قيل: إنه فعله ليبين الجواز، فبيّن بفعله أن النهي السابق إنما هو للكراهة. وهو مذهب الحنابلة.

وقيل إن النهي منسوخ (٤).


(١) أبو الحسن البصري، المعتمد ١/ ٣٩٠
(٢) نفس المصدر ١/ ٣٨٧
(٣) ابن قدامة: المغني ٢/ ٢٢٠ - ٢٢٢
(٤) السيوطي: الخصائص الكبرى ٣/ ٢٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>