للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه المسألة للعلماء قولان:

القول الأول: ما قاله الشوكاني: "توقف إمام الحرمين (١) في أنه هل يمتنع التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أم لا. وقال: ليس عندنا نقل لفظي أو معنوي في أن الصحابة كانوا يقتدون في هذا النوع، ولم يتحقق عندنا ما يقتضي ذلك. فهذا محل التوقف" (٢).

وقال أبو شامة: تابع القشيريّ والمازريّ إمامَ الحرمين على ذلك.

وقال الغزالي: ما عرف أنه خاصيته فلا يكون دليلاً في حق غيره (٣).

أقول: وابن السبكي في جمع الجوامع وشارحه، وافقا الجويني على ما ذهب إليه، فقد ذكر ابن السبكي أن حكم الفعل المخصّص (واضح) وفسره المحلي بأننا (لسنا متعبدين به) وذكر البناني عن (شيخ الإسلام) (٤) أن مرادهما أن الفعل الخاصّ لا يكون دليلَاً في حقنا، ولا يمتنع أن يكون الدليل شيئاً آخر كالقول مثلاً (٥).

هذا وإن أكثر ما نُقِل من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - بُيِّن الحكم فيه في حقنا بأدلة مستقلة، كاستحباب الضّحى والأضحى والوتر والتهجد في حقنا للأدلة القولية الواردة في ذلك. وتخيير المرأة الكارهة نوع من الإحسان، والإحسان مطلوب شرعاً.

وككراهية أخذ الزكاة والصدقة في حقنا، وكراهة أكل ما له ريح كريهة كالبصل والثوم.

ولعل الجويني ومن وافقه ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه لهذا المعنى، فإن معرفتنا بكون هذه الأمور وأشباهها مستحبة لنا أو مكروهة إنما منشؤه الأدلة الخاصة الواردة


(١) يعني الجويني.
(٢) إرشاد الفحول ص ٣٥
(٣) المستصفى ٢/ ٤٩
(٤) يعني الشيخ زكريا الأنصاري.
(٥) جمع الجوامع وشرحه وحاشية البناني ٢/ ٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>