للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاصة التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم]

من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - التبرك بآثاره والاستشفاء بها، فقد نقل أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه، ومجَّ فيه، ثم قال لأبي موسى وبلال: اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما، ونحوركما.

وتوضأ وصب على جابر، وأمر بشعره أن يقسم بين المسلمين.

وكان إذا توضأ يقتتلون على وضوئه.

وبعض ثيابه كانت تغسل بعده ويعطى ماؤها للمرضى.

وجمعت أم سليم عرقه لتطّيّب به.

وشرب بعضهم دم حجامته - صلى الله عليه وسلم -.

وحنّك بعض صبيانهم بالتمر.

والدليل على أن هذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتبرَّكوا بأفاضلهم. وليس في الأمة بعد نبيّها أفضل من أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. فلم ينقل عن أحد منهم، ولو حادثة واحدة، أنهم تبركوا بهؤلاء الأولياء الأربعة أو غيرهم (١). فهذا إجماع على الترْك.

والتبرك هنا ليس له وجه إلاّ اعتقادهم أن ذلك خاص به - صلى الله عليه وسلم -. إذ لو كان للتشريع لعملوا به ليبينوه للأمّة.

وقد ذكر الشاطبي احتمالاً أنهم تركوه من باب سدّ الذرائع. لئلا يصل الجهال منه إلى عبادة غير الله.

ومن أجل ذلك كانت المسألة عند الشاطبي مشتبهة (٢).

إلاّ أن هذا الاحتمال لا ينبغي أن يُلغي دلالة الإجماع، إذ إن أكثر الأدلة الشرعية ظنية، وتطرقها بعض الاحتمالات الضعيفة، ولا يبطل ذلك العمل بها. والله أعلم.


(١) الشاطبي: الاعتصام ٢/ ٦ - ١١
(٢) الشاطبي: الاعتصام ٢/ ١١

<<  <  ج: ص:  >  >>