للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كان الممتثل بيّناً بنفسه كغسل اليدين في الوضوء.

أو سبق بيانه بقول أو فعل، كما بيّن المواقيت بصلاته يومين متواليين، فصلاة اليوم الثالث ليست بياناً للوقت.

الجهة الثانية: جهة أنه امتثال لما أمر به من البيان. وهو من هذه الجهة واجب أو مستحب كما تقدم. وقد يختلف حكم الفعل الواحد من هاتين الجهتين، فيكون مندوباً من حيث إنه امتثال للأمر بعبادة مندوبة، واجباً من حيث إنه امتثال للأمر بالبيان، كما لو بيّن بفعله صلاة مندوبة.

والقدوة حاصلة بأفعاله - صلى الله عليه وسلم - من هذه الناحية. والمقتدي به فيها هم أهل العلم والدعوة، والقائمون مقامه في بيان الأحكام للأمة، وليس العوام من لا علم عنده.

ولم يزل القائمون على الدعوة والتربية يتأسّون به - صلى الله عليه وسلم - في كيفية بيانه للأحكام من انتهاز الفرص لها، والتخول بالموعظة، والبداءة بالأهم، والتدرج في البيان، إلى غير ذلك من النواحي التي يذكرها الكاتبون في مباحث التربية الإسلامية، ومباحث الدعوة.

وينظر حكم الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في كيفيات البيان في مبحث (الفعل الامتثالي).

الجهة الثالثة: جهة ما يحصل بالفعل من البيان، فيعلم به تفاصيل الفعل الذي أمرنا به، ويعلم أنه واجب في حقنا أو مندوب أو مباح، وذلك بتعلقه بما هو بيان له، فإن تعلق بآية دالة على الوجوب، دلّ على الوجوب، وإن تعلق بآية دالة على الندب دلّ على الندب، وإن تعلق بما دل على الإباحة دلّ على الإباحة، كما سيأتي إن شاء الله.

وهذه الجهة هي المرادة غالباً في كلام الأصوليين عند ذكرهم الفعل البياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>