للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهيئات، كالجهر والإسرار، وتعديد التسبيح والأذكار، والتورك في التشهد، وقراءة سورة بعد الفاتحة؟ يغلب على الظن أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يترك شيئاً من ذلك، ولا يتمّ لابن دقيق العيد مسلكه.

ونحن وقد أخذنا على عاتقنا بحث مسائل الأفعال النبوية لا يسعنا إلاّ أن نعطي هذه المسألة مزيداً من الاهتمام، وخاصّة في مسائل الصلاة والحج، كنموذج لغيرهما.

فنقول: إن الدليل مكون من أربع حلقات:

الأولى: إن لفظ (الصلاة) المأمور بها في قوله تعالى: {أقيموا الصلاة} و (الحج) في قوله: {ولله على الناس حج البيت} هما من المجمل.

الثانية: والأمر للوجوب.

الثالثة: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" و"خذوا عني مناسككم" دليل على أن أفعاله، في الصلاة والحج بيان للمجمل.

الرابعة: والبيان حكمه حكم المبين.

فتكون النتيجة: أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة والحج واجبة.

ونجيب عن هذه النتيجة بجوابين: مجمل ومفصل.

أما المجمل، فلو أنها كانت صحيحة لاقتضت وجوب جميع أفعال صلاته وحجه - صلى الله عليه وسلم -. وهو مردود يقيناً. وقد تقدم النقل عن ابن دقيق العيد في الصلاة بخصوصها.

وأما الحج فقد قال السبكي في قواعده، في شأن ركعتي الطواف: "فأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم"، فلا دلالة له على وجوب شيء خاص منها لأن المناسك (عامة في) (١) الواجب والمندوب، وإذا احتُجَّ به في وجوب فعل شيء


(١) في الأصل المخطوط كلمة غير مقروءة، والسياق يقتضي ما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>