للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلق، وأدنى الدرجات الإباحة ...... فمتى ثبت أن الفعل يدلّ على حكم كذا، وثبت أنا مساوون له في الحكم، ثبت الحكم في حقنا.

الأصل الثالث: أن الفعل هل يقتضي حكماً في حقّنا من الوجوب مثلاً وإن لم يكن واجباً عليه - صلى الله عليه وسلم -، كما يجب على المأموم متابعة الإمام في ما لا يجب على الإمام، وعلى الجيش متابعة الإمام في ما لا يجب على الإمام، وعلى الحجيج موافقة الإمام في المقام بالمعرَّف إلى إفاضة الإمام؟ هذا ممكن أيضاً. بل من الممكن أيضاً أن يكون سبب الوجوب في حقه معدوماً في حقنا، ويجب علينا لأجل المتابعة ونحوها، كما يجب علينا الرّمَل والاضطباع مع عدم السبب الوجب له في حق الأولين، أو سبب الاستحباب منتفياً في حقنا. وقد نبه القرآن على هذا بقوله: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه} فصار واجباً عليهم لموافقته، ولو لم يكن قد تعيّن الغزو في ذلك الوقت إلى ذلك الوجه" (١). اهـ كلامه.

فابن تيمية يرى أنه يخرج عن هذا الأصل -وهو الاشتراك في الحكم- ثلاثة أمور:

الأول: ما دل عليه دليل، وهو الخصائص. وقد تقدم القول فيها.

الثاني: ما يجب علينا، وهو عليه - صلى الله عليه وسلم - غير واجب، وإنما وجب علينا لأجل المتابعة. كالخروج معه في الغزو.

ونحن نرى أن هذا النوع لا ينبغي أن يستثنى، لأن المتابعة له - صلى الله عليه وسلم - إنما وقع من جهة كونه إماماً، لا من جهة الرسالة، بدليل أنها تجب مع كل إمام في الغزو، ومع كل إمام في الصلاة. وإنما وجب من تلك المتابعة ما وجب، مؤقتاً حال حياته وتوليه السلطة. لا بعد ذلك.

أما أن يجب ذلك في شيء من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - من حيث هورسول، فلا نجد له مثالاً، وهو -أعني ابن تيمية- لم يمثل له.


(١) المسودة في أصول الفقه ص ٧٤، ص ١٩٢ (مكرر)

<<  <  ج: ص:  >  >>