للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل (١)، وقد قال أحمد رحمه الله: لا يصلى على القبر بعد شهر، على ما فعل - صلى الله عليه وسلم - إذ صلى على قبر أم سعد بعد شهر. فجعل صلاته بعد شهر دليلاً على المنع في ما زاد عليه، لأن الفعل كالقول في أنه يقتضي الإيجاب، ويخصص بها (كذا) العموم".

وقال ابن تيمية: (٢) "قال ابن عقيل: ذكر (بعض) أصحابنا عن أحمد أنه جعل للفعل دليلاً، وأخذه من مسألة الصلاة على القبر، وأحال هو -يعني ابن عقيل- ذلك، وجوز أن يكون المستند استصحاب الحال. وبسط القول، وسلّم الدلالة إذا كثر الفعل" (٣).

وهذا يعني أن ابن عقيل يرفض نظرية القاضي أبي يعلى في نسبة القول بذلك إلى مذهب أحمد، للاحتمال الذي ذَكَر، فيما عدا حالة واحدة، وهي أن يكثر فعله - صلى الله عليه وسلم - على صفة معينة، أو في حال أو وقت معين، فيفهم المنع في ما سواها.

ويظهر أن ما سلمه من القول بالمفهوم المخالف إذا كثر الفعل مستقيم في صور كثيرة نص الفقهاء فيها على المنع، ولا يظهر مستند إلا مفهوم المخالفة.

فمن ذلك منعهم الزيادة في الوضوء على مرات ثلاث استدلالاً بالفعل. وفيه حديث قولي، أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم" (٤). ولا يصح هذا الحديث.

ومن ذلك كراهية بعضهم لصلاة العيد في المسجد، واعتبار أن السنة فعلها بالمصلى، أخذاً من الفعل.

ثانياً- دلالة الفحوى:

تتأتى دلالة الفحوى بالأفعال كثيراً، ويقول مجد الدين ابن تيمية (الجدّ): "قد يستفاد التنبيه من الفعل كما يستفاد من القول، ومثلّه ابن عقيل بقوله تعالى:


(١) يعني: كدليل الخطاب، وهو مفهم المخالفة.
(٢) المسودة ص ٣٥٣
(٣) ابن قدامة: المغني ١/ ١٤٠
(٤) أخرجه أحمد وابن ماجه، والنسائي بنحوه (١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>