للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكقوله، إذ شمّت أحد العاطسين ولم يشمّت الآخر: "إن هذا حمد الله فشمَتُّه، وإنك لم تحمد الله" (١).

ومثال الإيماء بالقول: أنه - صلى الله عليه وسلم - خلعَ نعليه في الصلاة فخلعوا نعالهم. فلما سلم قال لهم في ذلك، فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا. فقالو: "إن جبريل أخبرني إن فيهما أذى".

وكقوله عندما قام لجنازة يهودي: "أليست نفساً؟ " (٢).

وكقوله عندما وضع الحجر على قبر عثمان بن مظعون: "أعلم به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي".

الطريقة الثانية: الإيماء بالفعل. ومثاله أن يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً بعد أمر طارئ. فيعلم أنه سبب الفعل، ومن ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - نقص من الصلاة سهواً، وسلّم. فلما قيل له، أتم الصلاة، وسجد سجدتين وسلم. فإن إيقاعه سجدتين في آخر الصلاة لا يعهد في الصلاة، فارتباطهما بالنقص سهواً أمر واضح، وإلا لكانا لغواً لا يليق به - صلى الله عليه وسلم - (٣).

الطريقة الثالثة: إثبات السبب بالإجماع.

فإذا أجمعت الأمة على أن فعلاً من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - كان لسبب كذا، فإنه يتعين.

الطريقة الرابعة: إثبات السببية بقول الصحابي، وذلك أن الصحابيّ يرى الفعل، ويشاهد ما يحتف به من القرائن الدالة على سببه، وهو عدل عارف باللغة. فالظاهر أن ما أخبر بسببيته هو السبب حقاً. بل لا يبعد أن يكون سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً يدل على السببية فنقل إلينا السبب ولم ينسبه إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) رواه البخاري ومسلم (جامع الأصول ٧/ ٣٩٦)
(٢) رواه البخاري ومسلم (جامع الأصول ١/ ٤٣٥)
(٣) مثل القاضي الباقلاني في التقريب بسجود السهو للاستدلال على علة الحكم بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. فذكر هذا المثال، ونحن بينا أن ذلك من قبيل الإيماء. وانظر الشوكاني: إرشاد الفحول ص ٢١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>