للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثال الأول، وهو معرفة السبب بالسبر والتقسيم، أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم عرفة ركعتين وخطب. فقيل كانت خطبته للجمعة لأنه وافق يوم جمعة. وقيل إنها خطبة لعرفة، والركعتان ظهر مقصورة.

فلما علمنا أنه أسرَّ في الركعتين بالقراءة، علمنا أن الخطبة ليست للجمعة، فلا يبقى إلا للوقوف بعرفة. وعليه فيقتدى به - صلى الله عليه وسلم -، فيثبت للوقوف بعرفة خطبة (١).

ومثال آخر: روت أم هانئ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم فتح مكة ثماني ركعات، وذلك وقت الضحى (٢). فاختلف في سببه هل هو الوقت، فيدل على استحباب صلاة الضحى، أو الفتح. وقد ذكر ابن القيم أن الأمراء كانوا يصلونها ويسمونها صلاة الفتح (٣).

فلما صلى، - صلى الله عليه وسلم - الضحى في غير هذا الموطن، وعلم من شأنه الترغيب في صلاة الضحى، عرف ارتباطها بهذا السبب. والله أعلم.

ومثال الثاني: وهو المناسبة، أنه - صلى الله عليه وسلم - حسم يد السارق بعد القطع، والغرض حفظ العضو من التلف.

ومثال إثباته بالدوران: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة فأجازني".

احتج به لمذهب الشافعي وأحمد في أن المدة التي إذا بلغها الإنسان ولم يحتلم


(١) انظر مناظرة طريفة بين القاضي أبي يوسف، وبين مالك، بمحضر هارون الرشيد، في هذه المسألة. ذكرها القرافي في الفروق ٢/ ١٢٥
(٢) حديث أم هانئ في صلاته الضحى يوم الفتح متفق عليه (نيل الأوطار ٣/ ٧٠)
(٣) انظر الشوكاني: نيل الأوطار ٣/ ٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>