للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بعبارة أخرى: هل هي صادرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوصفه رسولاً، أو بغير ذلك من صفات، من الجهات التي تقدم ذكرها.

لقد ذكر الأسنوي من هذه الجهات ثلاثاً: منصب النبوة، ومنصب الإمامة العامة، ومنصب الإفتاء. ثم قال: "إن ما ورد بلفظ يحتمل رده إلى المناصب الثلاث يحمل عند الشافعي على التشريع العام، لأنه الغالب من أحواله - صلى الله عليه وسلم - ولأنه المنصب الأشرف، ولأن الحمل عليه أكثر فائدة، فوجب المصير إليه ... وقال أبو حنيفة: يحمل على الثاني لأنه المتيقن" (١).

وقال القرافي أيضاً: "إن غالب تصرفاته - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ، لأن وصف الرسالة غالب عليه - صلى الله عليه وسلم -" (٢).

ونحن نضرب أمثلة يتبين منها ما تقدم ذكره في هذا المطلب:

[المثال الأول]

عن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلي، فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمني على اليسرى (٣).

بوّب عليه النسائي: باب في الإمام إذا رأى رجلاً قد وضع شماله على يمينه. وهو تبويب حسن. لأن هذا الحكم وإن كان من باب تبليغ الشريعة، وهو لائق بمنصب النبوة، ويقتدي به كل أحد، إلا أن ذلك ألصق بمهمة إمام الصلاة المرتّب لها، فكما أنه يقيم للناس صلاتهم بمتابعتهم له، فكذلك ينبغي أن يعلمهم إتقان صلاتهم.

وكما قيل في هذا الحديث، يقال في حديث المسيء صلاته، وحديث مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - مناكبهم في الصلاة ليستووا، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتخولهم بالموعظة، وسائر ما فيه وعظ أو إنكار أو تعليم من النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن الصلاة والوضوء وغيرهما من


(١) الأسنوي: التمهيد ص ١٥٦
(٢) الفروق ١/ ٢٠٨، ٢٠٩ و٣/ ٨
(٣) رواه النسائي ٢/ ١٢٦ وأبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>