للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السابع الأدواتُ والعناصِر الماديّة

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استعان في إيجاد الفعل بأدوات معينة فذلك غالباً للمصلحة التي تحصل بتلك الأدوات، فالتأسّي بفعله لا يقتضي الاستعانة أصلًا بأدوات مماثلة، وذلك كالعصا أو القول في الخطبة، وكالخُمْرة التي كان يضعها فيسجد عليها، واستلامه الركن بالمحجن، واستناده إلى الجذع عندما كان يخطب، قبل أن يصنع له المنبر. فلا يجب ذلك ولا يستحب، وإنما يدل ذلك على الجواز.

وإنما قلنا في ما سبق، يستحب اتخاذ المنبر، لما ورد من القول الآمر باتخاذه، ولأنه جعل من شعائر المسجد. وأجمعت الأمة عليه.

وكما قلنا في الأدوات، كذلك يقال في جنس المواد المستعملة، إنما تختار بحسب المصلحة، فإذا بني - صلى الله عليه وسلم - مسجده من طين وسعف النخيل، وفرشه بالرمل أو الحصباء، وكان منبره ثلاث درجات، ومصنوعاً من أثل الغابة، فلا يدل ذلك على أكثر من الإباحة، ما لم يعلم أن تخصيص ذلك الجنس لغرض شرعي، فيكون بخصوصه مستحباً. وأما ما سوى ذلك فينظر في ما يحقق المصلحة على وجه أتمّ، فيكون أولى من غيره، كبناء السجد الآن بالإسمنت المسلّح والرخام ونحوها. وتستخدم فيه مكبّرات الصوت، والإنارة الكهربائية، والسجاجيد، وغير ذلك. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>