للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن يقول: قد اقترن به ما يدل على وجوبه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:"صلوا كما رأيتموني أصلي".

أقول: في الوجه الأول والوجه الثالث نظر عندنا بالنسبة إلى هذا المثال خاصة يعلم مما تقدم.

ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض أيضاً بأن يقال: هذا الفعل صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - واجباً، وحكمنا فيه كحكمه.

الاعتراض الثالث: دعوى الإجمال في الفعل. ومثاله أن يستدل الشافعي على طهارة المني بأن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي". فلو كان نجساً لقطع الصلاة. فيقول المعترض: هذا مجمل، لأنه في قضية عين فيحتمل أنه كان كثيراً أو قليلاً، فربما كان ما فركته عائشة قليلاً، وقليل النجاسات معفو عنه.

والجواب عنه يكون بأن يبيّن المستدل أن الفعل متعيّن في الوجه الذي وقع به الاستدلال. ففي المثال المتقدم يبين بالدليل أن المني كان كثيراً، لأن عائشة احتجت بهذا الخبر على طهارته، فلا يجوز أن تحتج بما يعفى عنه مع نجاسته. ولأنها أخبرت عن دوام الفعل وتكرره، ويبعد أن يستوى حاله في القلة مع تكرره.

الاعتراض الرابع: المشاركة في الدليل. ومثاله أن يستدل الحنفي في جواز ترك قسمة الأراضي المغنومة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك قسمة بعض أراضي خيبر. فيقول الشافعي والحنبلي: هذا حجة على قسمته، لأنه قسم بعضه، وفعله هذا امتثال للآية، وذلك يقتضي الوجوب. وأما تركه لما تركه فربما كان لنوائبه ومهمات الإسلام.

الاعتراض الخامس: اختلاف الرواية. وذلك مثل أن يستدل الحنفي على جواز نكاح المُحْرِم بما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة وهو محرم. فيقول الشافعي أو الحنبلي: روي أنه تزوجها وهما حلالان.

<<  <  ج: ص:  >  >>