للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني منزلة الكتابة من القول عند الفقهاء والمحدثين]

إن الكتابة عند الفقهاء أحطُّ درجة من القول. فكثير مما يصحّ بالقول لا يصح بالكتابة.

فمن ذلك الطلاق. قال ابن قدامة: "في قولٍ للشافعي، لا يقع الطلاق بالكتابة، وسواء نوى بها الطلاق أو لم ينوه، لأنه فعل من قادر على التطليق، فلم يقع به الطلاق كالإشارة" (١). وبمثل ذلك قال ابن حزم الظاهري (٢). ويقول الجمهور، وهو المنصوص عن الشافعي، يقع الطلاق بالكتابة إن نواه بها، لأن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق، ولأن الكتابة تقوم مقام قول الكاتب. فإن لم ينو لم يقع. اهـ بتصرف.

فعلى القول الأول: واضحٌ انحطاط درجة الكتابة عن درجة القول.

وعلى القول الثاني كذلك. لأن التطليق بالقول الصريح يلزم به الطلاق ولو لم ينوه. ولا يقع بالكتابة إلا بالنية.

وقد ذكر السيوطي مسألة الطلاق بالكتابة (٣)، ثم قال:

"وإن نوى فأقوال أظهرها: تطلق. والثاني: لا، والثالث: إن كانت غائبة عن المجلس طلقت، وإلاّ فلا. قال في أصل الروضة: وهذا الخلاف جار في سائر التصرفات التي لا تحتاج إلى قبول، كالإعتاق، والإبراء، والعفو عن القصاص، وغيرها.

قال: وأما ما يحتاج إلى قبول، فغير النكاح، كالبيع والهبة والإجارة، في انعقادها بالكتابة خلاف مرتّب على الطلاق وما في معناه: إن لم يصح (الطلاق) بها فها هنا أولى، وإلاّ فوجهان، والأصح الانعقاد.


(١) المغني ٧/ ٢٣٩
(٢) المحلى١٠/ ١٩٧
(٣) الأشباه والنظائر ص ٣٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>