للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قد يراد أن يتجه بصر المخاطب إما إلى (ذات). ويوافقها من الألفاظ (هذا) وفروعه؛ وإما إلى جهة، ويوافقها من الألفاظ (هنا) وبابها من أسماء الإشارة للمكان.

٣ - معانٍ متواضع عليها، غير منحصرة، كهزّ الرأس أو تحريكه جهة العلوّ بمعنى الإنكار والرفض والنفي، وخفضه بمعنى الموافقة والرضا والإيجاب، وهزّ الأكتاب بمعنى الاستخفاف. وكأنواع من الإشارة باليد، فنفضها، بمعنى التنصّل من الأمر وأنك منه براء، وتحريكها جهة المتكلم بمعنى الاستدعاء أو الأمر بالإدناء، وتحريكها بعيداً عن المتكلم بمعنى الأمر بالإقصاء، والتلويح بها بمعنى التوديع. إلى غير ذلك مما يعرف بتتبع عادات الناس.

هذا وتتميز الإشارة عن النطق من هذه الناحية. فإنّ فهم الإشارة لا يرتبط بلغة معينة، بل تكاد الإشارة تكون (لغة عامة عالمية)، ولذلك يستعملها الأخرس والطفل الذي لم يتكلم، ويستعملها الناس إذا لم يعلم أحد منهم لغة الآخر.

ولم يذكر التهانويّ من الأنواع الثلاثة إلّا النوع الثاني. ولكن النوعين الآخرين هما أيضاً من أنواع الإشارة. واللغة تدل على ذلك، كما تقدم في الشاهد الذي أنشده ثعلب، وما نقلناه من الحديث التالي له.

ومما ورد من النوع الأوّل، وهو التشبيهيّ، ما قال جبير بن مطعم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في صفة الغسل "أما أنا، فأفيض على رأسي ثلاثاً" (١). وأشار بيديه كلتيهما.

ومنه ما يأتي في الحديث، في ذكر ساعة يوم الجمعة: "وأشار بيده يزهِّدها". ووضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر.

ومما ورد من النوع الثالث وهو الدالّ على معان متعارف عليها، ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شُمْس" (٢). يعني إشار بعضهم بالتسليم على بعض؟ فالإشارة هنا تدل على التحية.


(١) البخاري ١/ ٣٦٧
(٢) مسلم (عبد الباقي) ١/ ٣٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>