للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعلّه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال لها ذلك لأنها وُلدت بأرض الحبشة، ونشأت بها، ولعلّها كانت تفهم بها أكثر مما كانت تفهم بالعربية،، فخاطبها بما تفهم.

وقال له أبو موسى الأشعريّ (والأشعريون من اليمن): أمِنِ آمْبِرِّ آمْصوْمُ في آمْسَفَر؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من امبرّ امصوم في امسفر" (١). فلما كانت هذه لغتهم خاطبهم بها.

وكتب إلى بعض أقيال اليمن: "إلى الأقيال العباهلة، والأرواع المشابيب ... وفي التيْعةِ شاةٌ لا مقوَّرة الألْياطِ ولا ضَناك ... وأنطوا الثَّبِجَة. وفي السُّيوب الخُمس" (٢) إلخ. وهذا غريب على لغة قريش، ولكنه لغة من كتب إليهم.

الجهة الرابعة: تصرفاته - صلى الله عليه وسلم - من جهة البديع والمعاني والبيان والصور التعبيرية وما أشبه ذلك. فقد كان يستعمل الإيجاز غالباً دون الإطناب والإسهاب مع الوفاء بالمقصود دون إخلال، ويأخذ بجوامع الكلم.

ولا يستعمل السجع والجناس. إلاّ أن يقع ذلك في الكلام دون تكلّف أو معاناة.

واستعماله المبالغة، في مثل قوله: "أما أبو جهم فلا يضعَ عصاه من عاتِقِه" (٣).


(١) قال في جامع الأصول ٧/ ٢٦١: أخرجه رزين، وقال محققه: في مجمع الزوائد: أخرجه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد ورجال الصحيح.
(٢) محمد حميد الله: الوثائق السياسية والإدارية للعهد النبوي. الوثيقة رقم ١٣٣ شرح الغريب عن المؤلف المذكور:
القيل: لقب ملوك حمير. التيعة: أدنى ما تجب فيه الزكاة وهو أربعون من الغنم، والخمس من الإبل. الضناك. الكثيرة اللحم. مقورة الألياط: مسترخية الجلود. انطوا الثبجة: أعطوا الوسط. السيوب: الركاز.
(٣) مسلم ١٠/ ٣٦ ومالك في الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>