للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن هدف ابن العاقولي من تجميع الأفعال التهيئة لاستفادة الأحكام الفقهية منها، وإنما كان يريد التعريف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، ولذلك أدمج أوصاف النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلقيّة، ونسبه الشريف، ونحو ذلك. وأورد في ضمن ذلك أقوالاً يسيرة.

وجاء بعد ذلك السيوطي، فأفرد الأفعال عن الأقوال. ولم يكن الذي دعاه إلى هذا أمراً يتعلق بالاحتجاج بها، وإنما كان هدفاً فنيّاً صرفاً. وذلك أنه أراد تجميع الأحاديث النبويّة المأثورة بأسرها، من جميع دواوينها المسندة، في كتاب واحد، سمّاه (الجامع الكبير) (٢). واختار أن يرتبه ترتيباً يمهد الطريق للباحثين، للوصول إلى الحديث المطلوب بيسر وسهولة. فكان أن رتّبه ترتيباً هجائياً كَلِمِيّاً (٣)،


=ولم يطبع أصل كتابه، وإنما طُبع بترتيب الأمير علاء الدين الفارسي، الذي سمّاه "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" حيث رتّبه على أبواب الفقه، وقد نشر منه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله الجزء الأول، وتقوم الآن مؤسسة الرسالة بإصداره كاملاً بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط في ستة عشر جزءاً.
إلا أننا نحمد الله على أن رجعنا بأولية فصل الأفعال النبوية عن الأقوال، إلى القرن الرابع. ملاحظة: يبعد أن يكون لنضج مباحث الأصول في ذلك القرن أثر على ابن حبان في ترتيبه الذي اختاره. فإنه قسم الأفعال خمسين نوعاً، يظهر في أكثر عناوينها ذلك، من مثل قوله (في ص ١٠٤، ١٠٥ من المقدمة):
النوع السادس: فعل فعله - صلى الله عليه وسلم -، لم تقم الدلالة على أنه خص باستعماله دون أمته، مباح لهم استعمال مثل ذلك الفعل، لعدم وجود تخصيص فيه. وقوله أيضاً:
النوع الثامن عشر: أفعاله - صلى الله عليه وسلم -، التي تفسر عن أوامره المجملة. وذلك ظاهر أيضاً في سائر الأقسام غير الأفعال.
فإن صدق الظن، فإن كتاب ابن حبان، على أصله الذي ألفه عليه، يصلح أن يكون بستاناً للأصوليين، ينتقون منه فيتأنقون، أطايب ثماره، كأمثلة لمسائلهم الأصولية.
(١) الرصف ١/ ٢
(٢) بدأ بطبعه بالقاهرة.
(٣) فرق في الترتيب الهجائي بين النظام الكلمي والنظام الحرفي. يراجع للتفصيل رسالتنا (الفهرسة والترتيب المعجمي) نشر دار البحوث العلمية، بالكويت، ١٣٧٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>