للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السادس في مسائل متفرقة]

المسألة الأولى: ذكر الأمر في أثناء القول هل يكون تقريراً:

إذا ذكَر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً في أثناء قولٍ له، ثم لم يقترن بذلك مدح ولا ذمّ، ولا إشعار برضاه بذلك الأمر، ولا إشعار بإنكاره له، فهل يكون ذلك تقريراً له بحيث يدل على أنه لا حرج فيه شرعاً؟.

وليست هذه الدلالة قولية.

ومثاله ما قصّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من اغتسال موسى عليه السلام عرياناً حتى ذهب الحجر بثوبه. وقصّ عن أيوب عليه السلام أنه اغتسل عرياناً (١). وورد عن معاوية بن حيدة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " احفظ عورتك إلاّ عن زوجتك وما ملكت يمينك" فقيل له: فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: "الله أحقّ أن يُستحيا منه من الناس" (٢).

وقد احتجّ البخاريّ بقصّة موسى عليه السلام على جواز الاغتسال مع التعرّي في الخلوة. واحتجّ بها ابن قدامة أيضاً (٣)، وقال ابن حجر: يظهر أن وجه الدلالة منه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصّ القصتين، ولم يتعقب شيئاً منهما، فدلّ على موافقتهما لشرعنا، وإلاّ لو كان فيهما شيء غير موافق لبيّنه، فيجمع بين الحديثين بحمل حديث معاوية على الأفضل.

ومثاله أيضاً: ما ورد في خبر أم زرع الذي رواه البخاري، وفيه أن أم زرع قالت: "وأناس من حَلْي أذنيّ" استدلّ به بعض الفقهاء على جواز تخريق آذان البنات لتعليق الحلي، من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتعقّب ذكره لذلك بإنكار.


(١) قصتهما في صحيح البخاري ١/ ٣٨٤، ٣٨٦
(٢) حديث معاوية رواه البخاري ١/ ٣٨٤
(٣) المغني ١/ ٢٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>