للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني الشمائل النفسيّة (الأخلاق)

الخلق ملكة تصدر عنها الأفعال بلا رويّة (١).

والأخلاق التي كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - جَبَله الله تعالى عليها، ولذلك لم تكن محلاً للتكليف، لأن التكليف بالمقدور، والجبليّ ليس مقدوراً.

ويقول ابن عبد السلام: "كل صفة جبلية لا كسب للمرء فيها كحسن الصور، واعتدال القامات، وحسن الأخلاق، والشجاعة، والجود، والحياء والغيرة، والنخوة، وشدة البطش، ونفوذ الحواس، ووفور العقل، فهذا لا ثواب عليه، مع فضله وشرفه، لأنه ليس بكسب لمن اتّصف به. وإنما الثواب والعقاب على ثمراته المكتسبة" (٢).

فالأفعال الصادرة عن هذه الصفات، يمكن أن تكون موضع قدوة. وقد بيّنا ما يقتدي به من ذلك في هذه الرسالة. لكن المقصود هنا البحث في أن صفاته - صلى الله عليه وسلم - نفسها. هل تكون موضع قدوة؟.

ومقصودنا بذلك: هل نحن مكلّفون بتحصيل أمثال تلك الأخلاق العالية التي كان عليها - صلى الله عليه وسلم -؟.

إن ما تقدم نقله عن عز الدين بن عبد السلام، يفهم منه أن التكليف لا يتعلق بتلك الصفات أصلاً.

ولكن الذي أثبته علم النفس وعُرف بالتجارب، أن كثيراً من الصفات


(١) شرح المواقف ٦/ ١٢٩
(٢) قواعد الأحكام ١/ ١١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>