للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعليماً لأن يأتي العبد في دعائه بالاسم المقتضى للحال المدعوّ بها. ومثاله قوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا} (١) وقوله: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (٢).

٣ - أتى بالكناية في الأمور التي يستحيا من التصريح بها، كقوله: {من قبل أن تمسوهن} {فأتوهن} {كانا يأكلان الطعام}.

٤ - أتى بالالتفات الذي ينبىء في القرآن عن أدب الإقبال من الغيبة إلى الحضور إذا كان الحال يستدعي ذلك، نحو {مالك يوم الدين * إياك نعبد} {عبس وتولى أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعلّه يزَّكّى}.

٥ - الأدب في ترك التنصيص على نسبة الشر إلى الله تعالى، كقوله: {بيدك الخير} (٣) ولم يُرْدِفْه بقول: {والشر}. ونحو قوله: {والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين} (٤) لم يقل {وإذا أمرضني فهو يشفين}.

٦ - الأدب في المناظرة أن لا يفاجئ بالردّ كفاحاً، دون التقاضي بالمجاملة والمسامحة كقوله تعالى: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (٥). وقوله: {قل إن افتريته فعليّ إجرامي} (٦).

٧ - الأدب في إجراء الأمور على العادات في التسبّبات وتلقّي الأسباب منها، أخذاً من مساقات الترجيات العادية، كقوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا} (٧) وقوله: {لعلكم تتقون} {لعلكم تذكّرون}.

ثم قال الشاطبي بعد إيرادها: "إن هذه الأمثلة، وما جرى مجراها، لم يُسْتَفد الحكم فيها من جهة وضع الألفاظ للمعاني، وإنما استفيد من جهة أخرى، هي جهة الاقتداء بالأفعال" (٨).


(١) سورة آل عمران: آية ٨
(٢) آخر سورة البقرة.
(٣) سورة آل عمران: آية ٢٦
(٤) سورة الشعراء: آية ٧٩، ٨٠
(٥) سورة سبأ: آية ٢٤
(٦) سورة هود: آية ٣٥
(٧) سورة الإسراء: آية ٧٩
(٨) الموافقات ٢/ ١٠٤ - ١٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>