للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البصري في باب (الأفعال) (١) من كتابه، وأجاز التخصيص بالفعل في باب (العموم) (٢) منه.

وابن الحاجب (٣) يرى أنه إن كان ثمة دليل خاص يوجب التأسّي بالفعل يكون نسخاً للقول إذا علم تأخره. وإن لم يكن دليل خاص، بل الدليل العام لوجوب الاتباع، فإن الدليل العام لوجوب الاتباع يكون مخصصاً بالقول المتقدم، فيبقى عليهم حكم القول المتقدم، ويمتنع اقتداؤهم به في الفعل.

الاتجاه الثاني: وعليه عمل جمهور الفقهاء وتصرّفاتهم في الفروع؛ فإنها تدل على أنهم يجيزون التخصيص بالأفعال. ونسب الآمدي (٤) القول بذلك إلى الشافعية والحنفية والحنابلة. وإليه ذهب أبو إسحاق الشيرازي (٥)، والقاضي أبو يعلى (٦)، والسمعاني (٧) وغيرهم، واختاره الحافظ العلائي (٨). فالفعل يكون عندهم مخصّصاً للقول العام في حق الأمّة أيضاً. وسواء تقدّم الفعل أو تأخّر، أو جهل التاريخ، على القول الراجح في تقديم الخاصّ على العام.

قال العلائي: "والحجة لذلك أن القول بتخصيص فعله به - صلى الله عليه وسلم -، موجبٌ إبطال الدليل الدالّ على التأسّي به في ذلك الفعل، والقول بتخصيص القول بإحدى حالاته وتعميم حكم الفعل في حقه وحق الأمة إعمال للدليلين، وإعمال الدليلين أولى من ابطال أحدهما".

قال: "ويتأيّد هذا بأن الأصل مشاركة الأمة له في الأحكام، إلاّ ما دلّ دليل على تخصيصه به - صلى الله عليه وسلم -".

وأما ابن حزم (٩) فيرى أنه يجوز تخصيص عموم القول بالفعل إن تأخّر


(١) المعتمد ١/ ٣٩٢
(٢) المعتمد ١/ ٢٧٥
(٣) مختصر ابن الحاجب ٢/ ١٥١
(٤) الإحكام ٢/ ٤٨٠
(٥) اللمع ٢١
(٦) العدة ق ١٢٣ أ.
(٧) القواطع ق ٥٤ أ.
(٨) تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال. ق ٤٨ ب.
(٩) الإحكام ١/ ٤٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>