للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأوّل اختلاف التقرير والقول

إذا اختلف القول والتقرير فإما أن يعلم تقدم التقرير على القول، أو يجهل المتقدم منهما، أو يعلم تأخر التقرير.

فإن علم تقدم التقرير فلا عبرة به، ويقدم القول عليه، لأن التقرير قبل ورود الشروع لا يدلّ على حكم شرعي، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينكر أمراً لم يرد فيه شرع.

وإن جهل المتقدّم منهما فيحتمل أن يكون الحكم كذلك، لأن القول أقوى منه. ويحتمل أن يجري فيه التعارض.

أما إن تقدم القول، وجاء التقرير بعده مخالفاً له، فإنه يجب التخلُّص بواحد من الأوجه التالية بالترتيب:

الأول: الجمع، بحمل القول إن كان نهياً على الكراهه، وإن كان أمراً على الاستحباب. وهذا أولى الوجوه وأيسرها، لأن فيه عملاً بكلا الدليلين.

وقد قال ابن حزم: "إن كان تقدم في ذلك الشيء نهي فقط ثم رآه - صلى الله عليه وسلم - أو علمه فأقرّه، فإنما ذلك بيان أن النهي على سبيل الكراهة فقط، لأنه لا يحل لأحد أن يقول في شيء من الأوامر: إن هذا منسوخ، إلا ببرهان جلي. ومن قال في شيء من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله: هذا منسوخ أو مخصوص أو ليس عليه العمل، فقد قال: دعوا ما أمركم به ربكم ونبيكم ولا تعملوا به، وخذوا قولي وأطيعوني في خلاف ما أمرتم به" (١).


(١) الإحكام ١/ ٤٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>