للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الوجه أيضاً مقدم على النسخ في حق الأمة، لأن فيه عملاً بدلالة التقرير في حيّز المعنى المشترك، وعملاً بدلالة القول في ما خرج عن ذلك.

ومن التخصيص أيضاً أن يكون القول عاماً في جنس من الأشياء، ويكون التقرير على خلاف العموم في نوع من ذلك الجنس، فيخصص العموم بالتقرير ومثاله: الأمر بأخذ الزكاة من الأموال، ثم أقرهم على ترك أخذ الزكاة من الدور والأثاث والخيل وغيرها.

الرابع: نسخ القول بالتقرير:

وسواء أكان القول في حق المقرر وحده أو كان عاماً له ولغيره، لأن حكم التقرير عام كما تقدم. فينسخ عموم القول.

ولم يرتض هذا الوجه الآمدي (١) وابن الحاجب (٢) وغيرهما. ورأيا أنه إذا لم يتبيّن علة تقتضي إلحاق غير المقرر بالمقرر، أن الواجب حمل التقرير على الخصوصية بالمقرر وحده.

ونقل الزركشي (٣) والعلائي: "أن كثيراً من أئمة الأصول صرحوا بأن الفعل إذا سبق تحريمه، فيتضمن تقريره نسخ ذلك التحريم" (٤) قال الزركشي: "وقد نص الشافعي أن تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة قياماً خلفه، وهو جالس، ناسخ لأمره السابق بالقعود" وممن صرح بنسخ الأمر بالتقرير ابن حزم (٥). وهو ظاهر صنع الغزالي (٦).

وقد وجّه ابن الحاجب قوله، بأنه لما انتفت العلّة الجامعة امتنع قياس العلة، ولا يجوز هنا الإلحاق بنفي الفارق لأنه إنما يصح إذا علم انتفاء الفارق، لأن الاختلاف في الأحكام ثابت قطعاً، كالطاهر والحائض، والمقيم وللسافر، وهنا لم يعلم انتفاء الفارق فلا يجوز الإلحاق.


(١) الإحكام ٢/ ٤٨٤
(٢) المختصر ٢/ ١٥١
(٣) البحر المحيط ٢/ ٢٥٦ ب.
(٤) تفصيل الإجمال ق ٦٨ ب.
(٥) الإحكام ١/ ٤٨٤
(٦) المستصفى ٢/ ٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>