للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: وهو قول الشافعي والحنفية. أنهم يصلون قياماً والإمام قاعد. ووجهه أن التقرير ناسخ للقول المتقدم. فيزول وجوب الجلوس خلف القاعد. وإذا زال تعيّن القيام، على الأصل من أن القيام ركن في الفرض في حق القادر عليه.

والثالث: مذهب مالك ومحمد بن الحسن، أن اقتداء القادر على القيام، بالقاعد، لا يصحّ أصلاً، سواء صلّى المأموم قاعداً أو قائماً.

ووجهه أيضاً نسخ القول بالتقرير، فيزول وجوب القعود خلف الإمام القاعد. ثم نسخت إمامة القاعد جملة بحديث: "لا يؤمّنَّ أحد بعدي جالساً" (١).

وهو حديث ضعيف.

المثال الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي نشد الضالة في المسجد: "لا وجدتّ، إنما بنيت الساجد لما بنيت له" (٢).

وورد أنه - صلى الله عليه وسلم - أقرّ الحبشة يوم العيد على اللعب بالحراب في المسجد.

واضح أن هذا من جنس التخصيص، فإن هذا النوع من اللعب تمرين على الجهاد وتنشيط له. ولأن إظهار الفرح والسرور مشروع ليوم العيد.

المثال الثالث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حرّم التصوير ولعن المصوّر (٣).

وورد أن عائشة اتخذت وسادتين فيهما صور، وأنها كانت تلعب بالبنات - وهي اللعب الصغار- وأقرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك.

فمن العلماء من أخذ بالقول، واعتبر التقرير سابقاً في التاريخ على القول، فلم يأخذ به.


(١) أخرجه الدارقطني من طريق جابر الجعفي وهو متروك، عن الشعبي مرسلاً (الخصائص الكبرى للسيوطي ٣/ ٢١٤)
(٢) رواه مسلم ٥/ ٥٤ وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
(٣) صحيح البخاري (ط الحلبي مع فتح الباري ٥/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>