للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق الأمة، أما في حقه - صلى الله عليه وسلم - فلأن القول لم يرفع حكم ما تقدم من الفعل في الماضي ولا في المستقبل. لأن الماضي لا يرتفع، والفرض أن الفعل غير مقتضٍ للتكرار بالنسبة إليه. وأما في حق الأمة فظاهر، لأنه ليس لأحد من القول والفعل تعلّق بهم.

٣، ٤ الصورتان الثالثة الرابعة: أن يتقدم هذا الفعل ويكون القول (١) خاصاً بالأمة إما متعقباً، أو على التراخي. مثل أن يفعل - صلى الله عليه وسلم - فعلاً، ثم يقول: لا يجوز لكم هذا الفعل.

ففي هاتين الصورتين أيضاً لا تعارض بينهما، لأن الفعل لم يقم دليل خاص على تأسي الأمة به فيه. فكان مختصاً به. والقول خاص بالأمة، فلا تعارض. هكذا صرح به جماعة منهم الآمدي وابن الحاجب.

فإن قيل: لا يلزم عن عدم قيام الدليل على التأسّي به في هذا الفعل الخاص أن يكون مختصاً به، بل يكتفى بالأدلة العامة على التأسّي به مطلقاً.

قلت: لو اعتبر ذلك لزم منه النسخ، والتخصيص أولى منه. فلذلك قلنا أن الفعل يكون خاصاً به - صلى الله عليه وسلم -.

٥، ٦ الصورتان الخامسة والسادسة: أن يتقدم الفعل، ويكون القول بعده، عاماً له وللأمة إما متعقباً، أو على التراخي.

فقال الآمدي وغيره لا معارضة بينهما أيضاً: أما بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم - فلما تقدم فيما إذا كان القول خاصاً به. وأما بالنسبة إلينا فلأن فعله غير متعلق بنا على ما وقع به الفرض.

وفصل ابن الحاجب بين أن يكون العموم بطريق التنصيص أو بطريق الظهور. فإن كان على وجه النصوصية، مثل أن يفعل فعلاً، ثم يقول: حرم علي وعلى أمتي هذا الفعل في مثل ذلك الوقت، فلا تعارض أصلاً، لا في حقه ولا في


(١) في الأصل: الفعل. وهو خطأ، يظهر أنه من الناسخ، كما لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>