للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفعل ناسخ لمقتضى القول وفاقاً. وهو ظاهر على رأي من لم يجوز صدور الذنب من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وأما من جوز ذلك فكذلك أيضاً، لأن صدور المعصية خلاف الظاهر. والنسخ وإن كان خلاف الأصل الكثير أكثر منه (١). وهو متفق عليه، أعني النسخ، بخلاف صدور الذنب من الأنبياء. وما في النسخ من الخلاف فهو غير معتد به. فكان الحمل على النسخ أولى من الحمل على صدور الذنب. هذا هو اللائق بمذهب من يجوز المعاصي وإن لم نطلع (٢) عليه من حيث النقل.

٩، ١٠ - الصورتان التاسعة والعاشرة: أن يتقدم القول ويكون خاصاً بنا، مثل: حرم عليكم كذا، ثم يفعله هو إما على الفور، أو التراخي.

فقال الآمدي وابن الحاجب والأرموي في (نهاية الوصول): لا تعارض بينهما في هذه الصورة، بل الفعل مختص به، والقول مختص بنا، إذ لا دليل على وجوب التأسّي. وذكر القرافي أن الفعل أيضاً شأنه أن تتأسى الأمة به فيه، يعني بالأدلة العامة التي تقتضي ذلك. فالأولون لا يعتبرون إلا دلالة دليل خاص في هذا الفعل، بخلاف القرافي، فإنه يعتبر الأدلة العامة، فيراهما متعارضين. لكن قول الأولين هنا أقوى، لأن اعتبار القول الخاص بنا، وتقديمه، أولى من تقديم الأدلة العامة.

١١، ١٢ - الصورتان الحادية عشرة والثانية عشرة: أن يكون القول عاماً لنا وله - صلى الله عليه وسلم - ثم يقع الفعل بعده، إما متعقباً، أو على التراخي.

فقالوا: لا معارضة هنا أيضاً، كما تقدم مثله فيما إذا علم تقدم الفعل.

وفرق ابن الحاجب بين العام بطريق النصوصية، والعام بطريق الظهور، كما تقدم. وفيه من البحث ما تقدم. واحتمال التخصيص حيث يمكن.

وذكر بعضهم أن الفعل متى وقع بعد التمكن من مقتضى القول، فلا يكون


(١) يعني: أكثر من المعصية على القول بتجويزها.
(٢) في الأصل: يطلع.

<<  <  ج: ص:  >  >>