للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتبين للناس ما نزل إليهم} (١) فهذا الاستعمال أخصّ من الأول. وهو الأغلب في كلام الأصوليين. وهو الذي سنجري عليه، ونخص ما خرج عنه، من الاستعمال الأول، باصطلاح (البيان الابتدائي).

[ما يحتاج إلى البيان وما لا يحتاج إليه]

ليس كل كلام بحاجة إلى بيان. بل إن أريد بالكلام ظاهره وحقيقته كان بيّناً لمن يعلم وضع القول. وذلك كقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة * وآتوا الزكاة} هو بيّن في إيجاب هاتين العبادتين. وقوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (٢) بين في إيجاب أصل الصوم، وأن الوقت شهر رمضان. وكذا آية تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، هي بيّنة في تحريم ما ذكر فيها (٣).

فإن أراد المتكلم بالكلام غير ظاهره فلا بدّ من البيان. وكذا إن أراد غير حقيقته فهو يحتاج إلى القرينة المبيّنة للمراد.

فمن الأول: العام إذا أريد به الخصوص. نحو {اقتلوا المشركين} (٤). أريد به ما عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم، فهو محتاج إلى البيان.

ومن الثاني: نحو قوله تعالى: {حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} (٥) بُيِّن بقوله: {من الفجر}.


(١) سورة النحل: آية ٤٤
(٢) سورة البقرة: آية ١٨٥
(٣) قال الشافعي رضي الله عنه: البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب اللُه تعالى من أحد هذه الوجوه.
منها: ما أتى الكتاب على غاية البيان فيه فلم يحتج فيه مع التنزيل إلى غيره.
ومنها: ما أتى (الكتب) على غاية البيان في فرضه، وافترض طاعة الرسول، فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله كيف فرضه. وعلى من فرضه ومتى يزول بعضه ويثبت بعضه.
ومنها: ما بينه عن سنة نبيه بلا نص كتاب (الرسالة: تحقيق أحمد محمد شاكر ص ٣٢).
(٤) سورة التوبة: آية ٥
(٥) سورة البقرة: آية ١٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>