للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمبيِّن أجر الدلالة على الخير. ولا يكون بيان المستحب والمكروه في هذه الحالة الثانية واجباً، وكذلك بيان المباحات.

ولعلّ هذا هو معنى ما نقله الغزالي عن (قوم من القدرية) أنهم قالوا: "بيان الواجب واجب، وبيان المستحبّ مستحبّ" وهو قول حق، لكن بالقيود التي ذكرناها. وقد ألزمهم الغزالي أن يقولوا: وبيان الحرام حرام، وبيان المكروه مكروه. ويظهر أنه لم يفطن إلى مقصدهم.

ويستثنى مما تقدم حالة واحدة يجب فيها بيان المستحب والمكروه، وهي أن يكون المكلف يعتقد في الفعل حكماً غير حكمه الشرعي، كمن يتنفل في الوقت المكروه، أو يتعبّد لله بمباح ليس موضوعاً للتعبّد، أو يكره سنة من السنن أو يحرِّمها. ففي هذه الحالة يجب البيان (١).

ويمكن إعادة هذا الاستثناء إلى النوع الأول، وهو بيان الواجب، لأن اعتقاد الأحكام الصحيحة للأفعال واجب على المسلم. فإذا أخطأ في ذلك الاعتقاد فقد ترك الواجب، ووجب بيانه له.

هذا حكم البيان في حق غير النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أما بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم - فالبيان كله واجب ليخرج الحكم عن الإبهام المطلق إذ لا يعلم إلّا من جهته. فإن خرج، فحكمه - صلى الله عليه وسلم - حكم غيره إلا في بيان المكروه. أما المكروه فيجب عليه بيانه لئلا يعتقد الفاعل والمشاهد إباحته كما يأتي في فصل التقرير من الباب الثاني إن شاء الله.


(١) انظر: الشاطبي: الموافقات ٣/ ٣٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>