للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل الإشارة: الكتابة والعقد، وسائر ما يؤدّي مؤدَّى القول (١).

ووجهة من يمنع كون الفعل بياناً أن البيان بالقول ممكن، والبيان بالفعل أطول زمناً منه بالقول، فيتأخر البيان به مع إمكان تعجيله وتيسّره بالقول، وذلك عبث، والعبث ممتنع على الشارع.

وقد أجاب الأولون عن ذلك بأجوبة (٢):

الجواب الأول: عدم التسليم بكون البيان بالأطول عبثاً، فإن كون أحد الطريقين إلى الهدف أقصر من الآخر، لا يلزم منه وجوب سلوكه، وترك سلوك الطريق الأطول. فقد يكون الأطول أيسر كما هو معلوم. وقد يكون أوضح وأثبت في الذهن وقد يتبع سلوكه حصول فوائد أخرى (٣). وقد تقدم إيضاح ذلك في التعليم بالمشاهدة، فلا نكرره.


(١) أشار إلى ذلك أبو الحسين البصري في المعتمد ١/ ٣٣٨ وأيضاً الشاطبي في الموافقات ٤/ ٢٤٦، ٢٤٧
(٢) انظر: في هذه المسألة كلام أبي الحسين البصري في المعتمد ١/ ٣٣٨ والقرافي: شرح تنقيح الفصول ص١٢٣، ١٢٤. وأيضاً: تيسير التحرير ٣/ ١٧٥، ١٧٦ والآمدي ٣/ ٣٤
(٣) وانظر كمثال على ذلك هذا الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أقيمت الصلاة، وعدلت الصفوف قياماً، فخرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب، فقال: "مكانكم" ثم رجع فاغتسل، ثم خرح إلينا ورأسه يقطر، فكبر وصلينا معه" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فقد تبينت بهذا الحديث أمور، كما بوب له بها أصحاب كتب الحديث.
فبوب له البخاري: باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم.
و: باب هل يخرج من المسجد (بعد الأذان) لعلة.
و: باب إذا قال الإمام: مكانكم ثم رجع انتظروه.
وفي صحيح مسلم: باب متى يقوم الناس إلى الصلاة.
ولمالك في الموطأ: باب إعادة الجنب الصلاة وغسله.
ولأبي داود: الجنب يصلي بالقوم وهو ناس.
وللنسائي: الإمام يذكر بعد قيامه أنه على غير طهارة.
وقال الحافظ في الفتح: وفي هذا الحديث من الفوائد:
جواز النسيان على الأنبياء. قال: في أمر العبادة، لأجل التشريع.=

<<  <  ج: ص:  >  >>