للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استعمل بعض أئمة الحديث من المتقدمين كلمة " شاذ " وأرادوا به الحديث المنكر الذي لا يعرف، قال الحافظ صالح بن محمد الأسدي المعروف بجزرة ت (٢٩٤):

" الشاذ: الحديث المنكر الذي لا يعرف" (١).

[المبحث الرابع: مصطلح " غير محفوظ "]

مر معنا أقوال الأئمة المتقدمين الذين صرحوا بلفظ " شاذ " وأطلقوه.

أما الألفاظ الأخرى المرادفة له كـ"غير محفوظ " أو ما جاء بمعناه فقد وجدتهم استعملوها بتوسع، وسأذكر الأئمة الذين أطلقوها وأمثل لهم بأمثلة، فأقول:

إن الأعم الأغلب من الأئمة المتقدمين كابن المديني والبخاري وأبي حاتم والنسائي والترمذي وغيرهم، أطلقوا مصطلح:" غير محفوظ "على أحاديث أعلت بعلل مختلفة وحتى نكون مقاربين للصواب يتوجب دراسة نماذج من أقوالهم أو دراسة الأحاديث التي أطلقوا عليها مصطلح " غير محفوظ أو ليس بمحفوظ ... .". وهذا يتطلب جهداً كبيراً جداً، والبحث لا يتسع لذلك، ولكني سأحاول جهدي أن أستوعب أكثر الأمثلة، أو الأمثلة التي تعطي تصوراً واضحاً عن منهج كل إمام من الأئمة. وسنرى من خلال عرض الأمثلة هل المتقدمون يعنون بـ " غير محفوظ ": الشاذ؟ وهل الشاذ أو " غير المحفوظ " هو مخالفة الثقة للثقات؟

المعروف عندنا أن المتأخرين يعدون " الشاذ " مرادفاً لـ "غير المحفوظ "، يقول ابن حجر: " فإن خولف بأرجح فالراجح المحفوظ ومقابله الشاذ " (٢).

ونحن وإن كنا لا نتفق مع الحافظ في كون هذه اللفظة ترادف الشاذ مستقلا، إذ المتتبع لصنيع المتقدمين يجدهم لا يفرِّقون بين المنكر والشاذ، كما سبق بيانه في مباحث المنكر، ولكن لما كنا نبحث في ماهية هذا المصطلح فلا ضير أن نقتصر على هذه المفردة " غير محفوظ "، وإلا فالمتقدمون يطلقون على الشاذ والمنكر: غير محفوظ، وهم، خطأ، غير معروف، وغيرها من المصطلحات التي تبين مخالفة الراوي، ولم أقف على من سبق الحافظ العسقلاني ممن يقصر مصطلح "غير محفوظ " على مخالفة الثقة، أي مرادفا للشاذ عنده.


(١) الكفاية، الخطيب ص١٤٢، وانظر شرح علل الترمذي، ابن رجب ٢/ ٦٢٥.
(٢) نزهة النظر ص ٥٠.

<<  <   >  >>