للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجموعات فهي كثيرة العدد واهية العدد ضعيفة القوى خافية الرؤى" (١).وهذا الكلام يدلل على الإنصاف والعدل حتى مع النفس، ولا ضير فهو الإمام الحافظ الحجة، خاتمة الحفاظ، ولكن الحق أحق أن يتبع.

أقول: وأصبح مفهوم الشاذ والمنكر وفصلهما عن بعضهما كما قرره الحافظ ابن حجر العسقلاني قاعدة سار عليها كل من جاء من بعده فمن يقرأ تعريف المنكر أو الشاذ في تقريب النووي مثلاً يجده خلاف ما يقرأه في "فتح المغيث" أو "تدريب الراوي" أو "توضيح الأفكار" أو أي كتاب آخر إلى يومنا هذا (٢).

ولم تنته هذه المسألة إلى هذا الحد إذ ما المشكلة من إطلاق هذين المصطلحين على حديث واحد، أنت تسميه شاذاً، وأنا أسميه منكراً، ولا سيما إنهما من أقسام الحديث الضعيف؟! ولا مشاحّة في الاصطلاح؟!

وستتضح المسألة أكثر في مبحث زيادة الثقة إذ عشرات الأحاديث التي يسميها المتأخرون زيادة ثقة هي في حقيقتها منكرة، أو شاذة أو غير محفوظة أو خطأ، أما في إسنادها أو متنها!!

وسنذكر بعضاً من الأمثلة التي توضح كون الأئمة المتقدمين استعملوا لفظ شاذ، ومنكر، وغير محفوظ، وغير معروف، والوهم، وغيرها من ألفاظ التعليل، استعمالا لغوياً، إذ أرادوا بها الحديث الخطأ، والدليل اختلافهم في الحديث الواحد، فهذا يسميه منكراً، وذاك يسميه شاذاً، والثالث يسميه غير محفوظ، والرابع يقول: غير معروف، وهكذا.

١ - قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً ابتاع غلاماً، فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد به عيباً فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله قد استغل غلامي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"الخراج


(١) فهرس الفهارس، الكتاني ١/ ٣٣٧،قال الدكتورحمزة المليباري في كتابه نظرات جديدة ص ٤٩ تعقيبا على كلام الحافظ:"وقد قرأت النص في المعجم المفهرس للحافظ ابن حجر، المخطوط في مكتبة جامعة أم القرى بمكة المكرمة ".
(٢) انظر مثلاً جواهر الأصول، فيض الهروي ص٤٧، وعلوم الحديث، صبحي الصالح ص ٢٠٤، وأصول الحديث، محمد عجاج الخطيب ص ٣٤٨، ودراسات في علوم الحديث، محمد عوض ١١٥.

<<  <   >  >>