للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث، فقد صار الحديث بتبيين الإسناد صحيحاً يعتمد عليه، وهذا من الصحيح المبين بحجة ظهرت، وكان مالك رحمه الله يرسل أحاديث لا يبين إسنادها، وإذا استقصى عليه من يتجاسر أن يسأله ربما أجابه إلى الإسناد.

ومثله أيضا: حديث رواه أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني، وهو ثقة إمام عن مالك عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة".هذا مما يتفرد به أبو عاصم مسنداً مجوداً، والناقلون رووه عن مالك عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة مرسلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه أبو هريرة، وتابع على ذلك أبا عاصم عبد الملك بن الماجشون ويحيى بن أبي قتيلة من أهل مصر، وليسا بذاك وقال أهل البصرة لأبي عاصم: خالفك أصحاب مالك في هذا فقال: حدثنا به مالك بمكة وأبو جعفر المنصور بها هاتوا من سمع معي، ورواه معمر بن راشد عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو المحفوظ المخرج في صحيح البخاري وغيره، بينت هذا ليستدل به على أمثاله " (١).

قلت: كلام الخليلي هذا لا يصح من وجهين رئيسين:

الأول: إنّ هذا التعريف الذي عرّف به لم يتابعه عليه أحد من أهل العلم من المتقدمين أو المتأخرين، فالكل أجمع على أن الحديث المعلول لا يعدّ من ضمن الحديث الصحيح، بل العلة قادحة في صحة الحديث، ولا أدل على ذلك من تعريف الحديث الصحيح على أن يكون خالياً من الشذوذ والعلة.

الثاني: هو أنه ساق بذلك مثلين في كتابه الإرشاد وكلاهما معلول، كما بينه هو:

المثال الأول: (حديث المملوك):الإسناد الذي ذكره هو إسناد متكلم فيه، وأقل ما فيه هو محمد بن عجلان، فهو وإن أخرج له الإمام مسلم، إلا أنه قد تكلم فيه بحيث أجمع العلماء على أن حديثه خارج الصحيحين لا يرتقي إلى مراتب الصحة، ولا سيما في روايته لأحاديث أبي هريرة، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: " صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة" (٢).

وقال الذهبي في الميزان:" إمام صدوق مشهور، قال الحاكم: أخرج له


(١) الإرشاد ١/ ١٦٠ - ١٦٦.
(٢) التقريب (٦١٣٦)، والتحرير ٣/ ٢٩٠.

<<  <   >  >>