للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا التناقض من القبح ما لا يستجيزه ذوقهم وذو ورع وذلك كتركهم قول الله تعالى: "والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيدَيَهما جزآءً بما كَسَبا نكالاً من الله والله عزيزٌ حكيم" (١). لحديث انفردت به عائشة رضي الله عنها ولم يشاركها فيه أحد، وهو" لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً ".ويترك قوله تعالى في الآيات التي ذكر فيها المحرمات من النساء، ثم قال تعالى بعد ذكر من ذكر: "والمحصناتُ من النساء إلا ما ملكت أيمانُكم كتابَ الله عليكم وُأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنينَ غيرَ مسافحين فما آستمتعتم به منهنَّ فآتوهنَّ أجورَهنَّ فريضةً ولا جناحَ عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللهَ كان عليماً حكيماً" (٢). فحرموا الجمع بين المرأة وعمتها وليس ذلك مذكوراً في آية التحريم بل فيها إحلال كل ما لم يذكر في الآية فتركوا ذلك لحديث انفرد به أبو هريرة وأبو سعيد وحدهما. (٣)

وليس ذلك إجماعاً فإن عثمان البتي يبيح الجمع بين المرأة وعمتها ثم يعترضون على حكم رواه عدل بأن عدلاً آخر لم يرو تلك الزيادة وأن فلاناً انفرد بها، قال علي: وهذا جهل شديد وقد ترك أصحاب أبي حنيفة الزيادة التي روى مالك في حديث زكاة الفطر وهي من المسلمين فقالوا: انفرد بها مالك، وترك أصحاب مالك الاستسعاء الذي رواه سعيد بن أبي عروبة وقالوا: انفرد بها سعيد فكلا الطائفتين عابت ما فعلت وأنكرت ما أتت به مع أنه قد شورك من ذكرنا في هاتين الزيادتين ولو انفردا بها ما ضر ذلك شيئاً، ولا فرق بين أن يروي الراوي العدل حديثاً فلا يرويه أحد غيره أو يرويه غيره مرسلاً أو يرويه ضعفاء، وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائدة لم يروها غيره من رواة الحديث وكل ذلك سواء واجب قبوله بالبرهان الذي قدمناه في وجوب قبول خبر الواحد العدل


(١) المائدة / ٣٨.
(٢) النساء / ٢٤.
(٣) حديث أبي هريرة أخرجه أحمد ٢/ ٤٣٢و٤٧٤و٥٠٨و٥١٦ .. ،والبخاري (٥١١٠) ومسلم (١٤٠٧) و (١٤٠٨) وغيرهم. وحديث أبي سعيد أخرجه أحمد٣/ ٦٧. قلت: ولم ينفردا به كما زعم ابن حزم، فقد رواه أيضاً جابر، وابن عباس رضي الله عنهما فأما حديث جابر فأخرجه البخاري (٥١٠٨)،وابن أبي شيبة ٤/ ٢٤٥وأحمد ٣/ ٣٣٨و٣٨٢ والنسائي ٦/ ٩٨وغيرهم. وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن حبان ٩/ ٤٢٦ (٤١١٦) والطبراني في الكبير١١/ (١١٩٣١).وليس المحل هنا نحله.

<<  <   >  >>