للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يروي نفر من حفاظ الناس: حدثنا عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمّن حدّث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه، فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكي مَنْ وصفنا من الحفاظ فيعلم حينئذٍ أن الصحيح من الروايتين ما حدّث الجماعة من الحفاظ دون الواحد المنفرد وإن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث مثل شعبة وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أئمة أهل العلم، وسنذكر من مذاهبهم وأقوالهم في حفظ الحفاظ وخطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك " (١).

وهذا هو مذهب المتقدمين كما قال الإمام مسلم فهم يقضون برواية الجماعة على الواحد وعندهم: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، إذ في العدد الكثير تقل احتمالية نسبة الخطأ إليهم، بخلاف الواحد وإنْ كان حافظاً فاحتمالية الخطأ والوهم واردة منه.

ولعل أحدهم يورد شبهة أنْ كلام الإمام مسلم هنا لا يعني الزيادة والتي مرادها تفرد راوٍ واحد عن الجماعة - إذا كانوا ثقات - في نفس الشيخ بزيادة في السند أو المتن.

فأقول: قد يشمل النص السابق للإمام مفهوم كل مخالفة ولكنّ الزيادة تدخل في معنى كلامه جزماً، إذ قد انطبق ذلك في أمثلة، وعَدَ الإمام مسلم بإيرادها في تتمة النص: " وسنذكر من مذاهبهم وأقوالهم ... ".

ثم أورد تلكم الأمثلة فمنها:-

ردَّ زيادة الإمام مالك - على جلالة قدره وحفظه - في حديث (١٠٥)، بوبه فقال:" ذكر حديث وهم مالك بن أنس في إسناده ". -ثم قال-: " حدثنا مسلم

قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا مالك عن هشام عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول:" صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ سورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة، فقلت: إذن والله كان يقوم حين يطلع الفجر، قال أجل". سمعت مسلماً يقول: فخالف أصحاب هشام هلم جرا مالكاً في هذا الإسناد، في هذا الحديث. (١٠٦) أبو أسامة عن هشام قال: أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة قال:" صليت خلف عمر فقرأ سورة الحج وسورة


(١) التمييز ص١٧٠ - ١٧٢ بتصرف.

<<  <   >  >>