للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يعني أنه لو زاد ثلاثة رواة زيادة على مجموعة أخرى فهذه ليست زيادة وإنما الزيادة هي أن يروي جماعة حديثاً واحداً بسند واحدٍ ثم يأتي آخر فيرويه بنفس السند ولكنه يزيد عليهم رجلاً آخر أو يصل ما أرسلوه أو يرفع ما وقفوه أو يزيد كلمة أو جملة في المتن لم يذكروها.

وليس الأمر هكذا عند الترمذي في المثال الذي مثل به، وإنما أراد أن يضرب مثلاً على معنى الغريب الذي ذكره في مصنفه هذا (الجامع).

فقال: " وما ذكرنا في هذا الكتاب: -حديث غريب- فإن أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان: -رب حديث يكون غريباً لا يروى إلا من وجه واحد مثل ما روى حماد بن سلمة ... . ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث ... ". (١).

وإلا فهذا الحديث ليس فيه زيادة ثقة البتة، قال النووي: " لا يصح التمثيل به فقد وافق مالكاً عمر بن نافع، والضحاك بن عثمان " (٢).

وقال الحافظ العراقي: وعلى تقدير عدم الورود من هذه الحيثية، فيرد عليه -أي ابن الصلاح- من جهة تعبيره لعبارة الترمذي، لأن الترمذي لم يطلق تفرد مالك به (٣).

وهنا إشكال: هو أن ابن الصلاح قوّل الترمذي بالزيادة ونسبها إليه، فرد عليه النووي: لا يصح التمثيل به، ثم رد الحافظ العراقي كون هذا مراد الترمذي.

وقد وجه هذا الخلاف الحافظ ابن حجر فقال: " ثم راجعت كتاب الترمذي فوجدته في كتاب الزكاة قد أطلق كما حكاه عنه المصنف -أي ابن الصلاح- ولفظه: " حديث ابن عمر -رحمه الله- رواة مالك عن نافع عن ابن عمر- رضي الله عنهما- نحو حديث أيوب وزاد فيه من المسلمين " (٤). ورواه غير واحد عن نافع، ولم يذكر فيه من المسلمين وفي كتاب " العلل المفرد " قد قيد كما حكاه عنه شيخنا -أي العراقي- فكان ابن الصلاح نقل كلامه من كتاب الزكاة ولم يراجع كلامه في العلل -والله أعلم-" (٥).

وهكذا يتضح أن الترمذي لم يرد المعنى الذي نريده من الزيادة فليس مثل الترمذي


(١) العلل في آخر الجامع ٥/ ٧١١ - ٧١٢.
(٢) تدريب الراوي، السيوطي ١/ ٢٠٦.
(٣) انظر النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٩٦.
(٤) جامع الترمذي حديث (٦٧٦).
(٥) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٩٦ - ٦٩٧.

<<  <   >  >>