للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً ثم أعقبها بالروايات المتصلة وقد اختلف فيها، فذهب ابن حجر في الفتح إلى أنَّ البخاري أشار إلى

أنَّ الرواية - المرسلة - مرجوحة لأن جماعة من أصحاب شيخه أيوب خالفوه - أي حماد - فوصلوه وأرسله؟ (١) وهذا عكس للمسألة فمنهج البخاري أنْ يذكر الرواية المعلولة بعد الرواية الأصل ثم يتكلم عليها، ولو كان الأمر مثلما يقول الحافظ ابن حجر لمَا استدركها عليه الدارقطني في التتبع كونه أخرجه مرسلاً وقد صحَّ متصلاً؟ أضف إلى قوله: وقول حماد المرسل أصح (٢)

وقد يورد الإمام البخاري المرسل لينبه عليه كما يقول الحافظ ولكنه يقدمها بالمتصل لأن كتابه كتاب صحيح، لا كتاب علل وهذا حينما يتساوى الأمر عنده فيكون المتصل قد صح من وجه والمرسل قد صح من وجه ولا وجه للترجيح - عند البخاري - فيقدم المتصل ثم يردفه المرسل.

ومثاله: ما أخرج البخاري (١٦٢٦) فقال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن زينب عن أم سلمة رضي الله عنها شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ح). وحدثني محمد بن حرب حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني عن هشام عن عروة عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بمكة وأراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ففعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت ".

فهنا البخاري أورد الرواية المتصلة عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة ثم أعقبها برواية هشام عن عروة المرسلة. حاكياً الخلاف فيه كعادته. (٣)

وقلْ مثل ذلك إذا رواه جماعة متصلاً وجماعة مرسلاً فإنه يذكر الخلاف فيه في العادة. يقول الحافظ في مثل هذا النوع: " والذي عرفناه بالاستقراء من صنيع البخاري أنه لا يعمل في هذه الصورة بقاعدة مطردة، بل يدور مع الترجيح إلاّ إن استووا فيقدم الوصل ". (٤)

ولمّا لم يصرّح لنا الإمام البخاري بمنهجه في صحيحه عامة وبمنهجه في زيادة الثقة خاصة، فلا يسعنا إلاّ استقراء منهجه التطبيقي في صحيحه، وهذا منهج ظني ولكنه لا


(١) فتح الباري ٨/ ٤٣.
(٢) الإلزامات والتتبع ص٣٧٠.
(٣) انظر فتح الباري ٣/ ٦٢١ - ٦٢٢.
(٤) فتح الباري ١١/ ٧٢٢.

<<  <   >  >>