للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير وجه راويه فلا متابع له فيه ولا شاهد" (١).

وقال السيوطي: "وَصفَ الذهبي في"الميزان"عدة أحاديث في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة، بل وفي الصحيحين أيضاً، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلاً عن بطلانه" (٢).

أقول هذا كلام غير دقيق فليس مراد البرديجي- رحمه الله - أن مطلق التفرد مردود، بل هو ينهج نهج الأوائل حيث إنّ الحكم على الرجل عندهم يكون على أساس المتون التي يأتي بها فمراده هنا ألا يكون متن الحديث غير معروف من طرق أخرى.

وقد نص هو على هذا فقال:"إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من ... أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً لا يصاب إلا الرجل الواحد لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً ولا يكون منكراً ولا معلولاً " (٣).

فتفرد الثقة بحديث -متن- لا يضره إلا إذا كان فيه أمر لا يعرفه من لا يفوتهم معرفته أو جاء بأمر يستنكر وهاك الدليل:

قال البرديجي في حديث:"رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:"إني أصبت حداً فأقمه عليَّ " (٤) الحديث: هذا عندي حديث منكر وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم " (٥).

وتمام الحديث كما جاء في لفظ البخاري:" إني أصبتُ حداً فأقمه في كتاب الله، قال: أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم، قال: فإنَّ الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدّك".

ولما كان هذا الحديث عنده معلولاً كان لا بد أن يكون له علة: وقد أعله بأخف رواة السند ضبطاً:"عمرو بن عاصم الكلابي"، فقال: وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم،


(١) فتح المغيث ١/ ٢٢٢.
(٢) الحاوي للفتاوى ٢/ ٢١٠.
(٣) شرح علل الترمذي، ابن رجب ٢/ ٦٥٤، وانظر الرفع والتكميل، اللكنوي ص ٢٠١.
(٤) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري (٦٨٢٣)، ومسلم (٢٧٦٥)، وغيرهما من طريق عمرو بن عاصم، وأخرجه مسلم (٢٧٦٥) من طريق أبي امامة.
(٥) شرح العلل ٢/ ٦٥٤ - ٦٥٥

<<  <   >  >>