للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: إنما قال ذلك لأنه رأى التصريح بالثقة يخالف صنيع الأئمة والضعيف كذلك، فأراد التوفيق بينهما فقال: المقبول وأراد به الذي يحتج به مطلقاً منفرداً أو متابعاً، يعني -صحيح

الحديث وحسنه- فقط (١)،والله أعلم.

ومع كل ذلك فعلى تعريفه: - ما خالف المقبول- يكون قد عارض نفسه فقد نقل عنه السيوطي في التدريب عند تعريف الحديث الصحيح قوله: "مجرد مخالفة أحد رواته لمن هو أوثق أو أكثر عدداً لا يستلزم الضعف، بل يكون من باب صحيح وأصح ... " (٢)؟ فتأمل!

وتأمل قوله في حد الصحيح: " إن شرط الصحيح أن لا يكون الحديث شاذاً" (٣)، فهل الشاذ صحيح؟ أو حسن؟ أو ضعيف؟ والأمثلة كثيرة لمن يتتبع.

وفي الحقيقة لم أقف على قولٍ "لمتأخر"، يعطي الشاذ حقيقة مفهومه لأنه لم يُستقرأ بشكل صحيح، بل استُنتج فقط، والأعم الأغلب منهم يكرر عبارة سابقه، مع إجلالنا لهم، والاعتراف بفضلهم.

من أجل ذلك يقول السيوطي:" الحديث الشاذ عسير ولعسره لم يفرده أحدٌ بالتصنيف". (٤)

وإن هذا المصطلح نادر الاستعمال لدى المتقدمين، فإذا تتبعت أقوالهم في كتب العلل فإنك لا تكاد تجد فيها كلمة " الشاذ "،، ولا يعني هذا أنهم لا يعتبرون الشذوذ علة، وإنما أوردوا ما يقال فيه الشاذ بعبارات أخرى واضحة مثل قولهم: هذا خطأ، هذا غير محفوظ، هذا وهم، ونحوها، وسأعرض الأقوال التي استطعت أن أقف عليها في كتب المصطلح، حتى نحدد مفهوم الحديث الشاذ عندهم.

أقوال علماء المصطلح في تعريف الحديث الشاذ:

قال الحاكم النيسابوري ت (٤٠٥): " الشاذ هو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم


(١) انظر النكت على ابن صلاح ٢/ ٦٧٤، وصفحة ٤٢ من بحث المنكر.
(٢) تدريب الراوي ١/ ٤٥.
(٣) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٥٤.
(٤) تدريب الراوي ١/ ١٩٤.

<<  <   >  >>