للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحافظ ابن حجر أول من فرق اصطلاحياً بين مخالفة الثقة فأطلق عليها "الشاذ "، ومخالفة الضعيف وأطلق عليها " المنكر " وعد من سوى بينهما أنه غفل؟!، ولم أقف على من سبقه؟! ثم أصبح هذا التفريق قاعدة لمن جاء بعده، وإلى يومنا هذا؟ وهو بذلك غفّل المتقدمين والمتأخرين ممن سبقه؟ ثم إنه لم يقل أحد من المتقدمين أو المتأخرين قبل الحافظ ابن حجر أنّ الإمام الشافعي قصد هذا، وسيأتي بيانه.

وإذا أردنا تتبع الأمثلة التي ذكرها أهل هذا المذهب في الشاذ،، فإنها في الأغلب لا تسلم من نقد، ذلك لأنهم تكلفوا في تعريف الشاذ، ثم تفريقه عن المنكر، والحق إن

الشاذ والمنكر بمعنى واحد، وهو في حقيقته: الحديث الخطأ، كما قرره المتقدمون وتبعهم عليه علماء المصطلح الأوائل، كما مر في فصل المنكر، فمثلًا:

مثل الحافظ ابن حجر في النزهة لشذوذ الإسناد بمثال فقال: " مثال ذلك ما رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجة من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن عوسجة، عن ابن عباس: أن رجلاً توفي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يدع وارثاً إلا مولى هو أعتقه .. " (١) الحديث.

وتابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره (٢)، وخالف حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة، ولم يذكر ابن عباس. قال أبو حاتم: المحفوظ حديث ابن عيينة (٣). انتهى كلامه فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط، ومع ذلك رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عدداً منه. وعرف من هذا التقرير أن الشاذ: ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه " (٤).

وتابعه في التمثيل به السيوطي والسخاوي (٥).


(١) أخرجه أحمد ١/ ٢٢١، والترمذي (٢١٠٦)، وابن ماجة (٢٧٤١)، والنسائي في الكبرى ٤/ ٨٨ (٦٤٠٩)، وانظر تفصيله في المسند الجامع ٩/ ٢٣٨ (٦٥٥١).
(٢) أخرجه أحمد ١/ ٣٥٨، والنسائي في الكبرى ٤/ ٨٨ (٦٤١٠)، من طريق ابن جريج به، وأخرجه أبو داود (٢٩٠٥) من طريق حماد بن سلمة به، وانظر المسند الجامع ٩/ ٢٣٨ (٦٥٥١).
(٣) علل ابن أبي حاتم ٢/ ٥٢.
(٤) نزهة النظر ص٥٠ - ٥١.
(٥) تدريب الراوي ١/ ١٩٥، وفتح المغيث ١/ ٢١٨.

<<  <   >  >>