للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ب] وأما حديث «إِذَا (لا متى كما نقل المؤلف) اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَضَعَهَا فِي الإِنَاءِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» وأن عائشة لم تأخذ به وقالت «كَيْفَ نَصْنَعُ بِالْمِهْرَاسِ»، فإليك الجواب عنه:

إن هذا الحديث رواه " البخاري " و" مسلم " (١) عن أبي هريرة من طرق عدة ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه قال الترمذي: «وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ» كما روي من فعله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن علي وعثمان وجبير بن نفير، فالحديث ثابت عن أبي هريرة وغيره من قول الرسول وفعله وغير معقول إنكار عائشة على أبي هريرة وهي من رواته، فمن ثم سقط ما هدف إليه من تجريح أبي هريرة واتهامه له بالكذب.

وهذا الكلام وأمثاله إنما يذكر في كتب الأصول وما شابهها وهذه الكتب ليست بِحُجَّةٍ في الحديث ولا تحرير ألفاظه، ولكن الطاعن حاطب ليل ولا شأن له بالتحقيق، وقد نَبَّهَ شَارِحُ " مسلم الثبوت " الشيخ اللكنوي إلى أن هذا الإنكار لم يثبت عن عائشة ولا ابن عباس، وإنما هو من رجل يُقَالُ له قين الأشجعي وفي صحبته خلاف، وفي " الإصابة " (٢): «قين الأشجعي تابعي من أصحاب عبد الله بن مسعود جرت بينه وبين أبي هريرة قصة» ثم ذكر رواية أبي هريرة وقول قين له: «فَإِذَا جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ هَذَا فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِهِ؟»؟ ثم ألا يجوز أن يكون قين يريد الاستفسار ولا يريد الاستشكال والإنكار، وهذا هو الذي ينبغي أن يحمل عليه حال الرجل المسلم، ولو سلمنا أنه يريد الإنكار فإنكار التابعي على الصحابي لاَ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ولا يقدح في عدالته.


(١) " صحيح البخاري". كتاب الوضوء، باب الاستجمار. و " صحيح مسلم بشرح النووي ": ٣/ ١٧٧.
(٢) ٣/ ٢٨٥.