للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذه من تعليقته التي ذكرها في [هامش ص ١٨٣] حيث قال: «روى مسلم أن النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ فَبَدَأَ بِهِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ» ثم علق فقال: فترى أنه لم يصل إلى درجة أحد الموالي!!! فهل هذا منطق يا أصحاب العقول؟!!.

ولو كان في عدم ذكر أبي هريرة في هذا الحديث إهمالا له وإزراء به فماذا يقول في مشاهير الصحابة الذين لم يذكروا في هذا الحديث، ولم يوص النَّبِيُّ بأخذ القرآن منهم كالخلفاء الراشدين وزيد بن ثابت وَأَبِي الدَّرْدَاءِ والعبادلة الأربعة وغيرهم مِمَّنْ كانوا يحفظون القرآن كله؟ فهل نطبق عليهم هذا المنطق الأعرج المعكوس؟!!

أما ما ذكره من قوله: ولكن الأمر جرى على غير ذلك، فهو لا يزيد عن كونه سفاهًا وسبابًا ورجمًا بالغيب، وَتِلْكَ شَنْشَنَةٌ نَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمَ، وفيما قدمته من ردود ما فيه الكفاية.

طَعْنُهُ فِي حَدِيثِ الوِعَاءَيْنِ وَزَعْمُهُ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لأَحَادِيثَ أُخْرَى:

قال في [ص ١٨٢] تحت عنوان «حفظ الوعاءين».

أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: «حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ». وهذا الحديث معارض لحديث رواه الجماعة بألفاظ متقاربة عن عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فقد سئل هَلْ عِنْدكُمْ كِتَابٌ؟ فَقَالَ: «لاَ، إِلاَّ كِتَاب اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ». وكذا يعارض ما رواه " البخاري " عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ، عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: «مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ»، ولو كان هناك شيء يؤثر به النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد خواصه، ويحجبه عن سائر أصحابه لكان عَلِيٌّ أولى الناس جميعا بذلك، وذلك بأنه