للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخَرَ، وحاول بعضهم أن يجيب فقال: إن الحديث من قبيل المجاز، وأن المراد بالداء داء الكبر، وبالدواء حمل النفس على التواضع بتناول ما سقط فيه الذباب.

وقد شاء ربك العالم بما كان وما يكون أن يظهر سِرُّ هذا الحديث، وأن يتوصل بعض نطس الأطباء إلى أن في الذباب مادة قاتلة للميكروب فبغمسه في الإناء تكون هذه المادة سَبَبًا في إبادة ما يحمله الذباب من الجراثيم التي ربما تكون عالقة به، وبذلك أصبح ما قال العلماء الأقدمون - تجويزًا - حقيقة مقررة، وإليك ما ذكره أحد الأطباء العصريين في محاضرة بجمعية الهداية الإسلامية بمصر قال:

يقع الذباب على المواد القذرة المملوءة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة فينقل بعضها بأطرافه، ويأكل بعضًا آخر فتتكون في جسمه مادة سامة يسميها علماء الطب «مبعد البكتيريا» وهي تقتل كثيرًا من جراثيم الأمراض، ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود مبعد البكتيريا هذا، وإن هناك خاصة في أحد الجناحين هي أنه يحول مبعد البكتيريا إلى ناحيته، وعلى هذا إذا سقط الذباب في شراب أو طعام وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه، فإن أقرب مبعد لتلك الجراثيم وأول وَاقٍ منها هو مبعد البكتيريا الذي يحمله الذباب في جوفه قريبًا من أحد جناحيه، فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه، وفي " مجلة التجارب الطبية الإنجليزية " عدد ١٣٠٧ سَنَةَ ١٩٢٧ ما ترجمته: «لقد أطعم الذباب من زرع ميكروبات بعض الأمراض، وبعد حين من الزمن ماتت تلك الجراثيم واختفى أثرها، وتكون في الذبابة مادة سامة تسمى «بكتريوفاج» ولو عملت خلاصة من الذباب لمحلول ملحي لاحتوت على «بكتريوفاج» التي يمكنها إبادة أربعة أنواع من الجراثيم المولدة للأمراض وقد كتب بعض الأطباء الغربيين نحو ذلك»