للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حديث الإسراء والمعراج من الإسرائيليات، وجهل الذين يعتقدون صحة ذلك، واعتبرهم من حشوية آخر الزمان إلى آخر ما نضح به قلمه من نبز وسباب.

وللرد على هذا أقول لهذا المؤلف:

إنَّ الرمي بالقول على عواهنه من غير حُجَّة وبرهان لا يليق بالباحث المُنْصِف المُتَثَبِّت، وهل يقتضي ذكر موسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - ومراجعته لِلْنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - ليلة المعراج كي يخفف الله سبحانه على أُمَّتِهِ الصلوات أَنْ يكون من الإسرائيليات؟ وعلى منطق المؤلف تكون كل الأحاديث التي ذكرت فضيلة لموسى أو لِنََبِِيٍّ من أنبياء بني إسرائيل من الإسرائيليات وأعتقد أنَّ هذا لا يقوله عاقل فضلاً عن باحث، وبحسب القارئ ما ذكرته في المقال السابق من موقف علماء الإسلام من أخبار بني إٍسرائيل، ولو أنَّ حديث الإسراء والمعراج كان مرويًا عن كعب الأحبار أو غيره من علماء بني إسرائيل لجاز في العقل أنْ يكون ذكر موسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - من دَسِّهِمْ، أما والحديث مروي عن بضع وعشرين صحابياً ليس فيهم ولا فيمن أخذ عنهم أحد من مُسْلِمَةِ أهل الكتاب فقد أصبح الاحتمال بعيداً كل البعد إنْ لم يكن غير ممكن في منطق البحث الصحيح، وقد ذكر الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه " التنوير في مولد السراج المنير " الصحابة الذين رُوِيَ عنهم حديث الإسراء والمعراج فوصل بهم إلى خمسة وعشرين صحابياً، واعتبر الروايات الواردة فيه متواترة ونقل كلامه الحافظ الناقد ابن كثير في " تفسيره " ووصفه بالإفادة والجودة (١) فهل يجوز عند العقلاء أَنْ يكون لِلْدَسِّ مجال في هذا؟ وقد خرج حديث المعراج البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الكتب المعتمدة من طرق متعددة، وقد استعرض هذه الروايات الإمام ابن كثير في " تفسيره " فليرجع إليه من يريد زيادة اليقين، وَلَمْ أَرَ - فيما أعلم - عن أحد من أهل العلم الموثوق بهم أنه ذكر


(١) انظر " تفسير ابن كثير " و " البغوي ": ٥/ ١٤٣.