للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعية (١): لا تجب الصلاة على الحائض والنفساء كغيرهم من المذاهب، أما الكافر الأصلي إذا أسلم فلا يخاطب بقضاء الصلاة، لقوله عز وجل: {قل للذين كفروا: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال:٣٨/ ٨] ولأن في إيجاب ذلك عليه تنفيراً عن الإسلام، فعفي عنه. وأما المرتد إذا أسلم: فيلزمه قضاء الصلاة، لأنها وجبت عليه، واعتقد وجوبها، وقدر على التسبب إلى أدائها فهو كالمحدث، حتى إنه إن جن حال الردة ففاته صلوات، لزمه قضاؤها.

ومن زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض أو بسب مباح: فلا تجب عليه الصلاة ولا قضاء عليه لقوله صلّى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة» فنص على المجنون، وقيس عليه كل من زال عقله بسب مباح. أما من زال عقله بسبب محرم كمن شرب المسكر، أو تناول دواء من غير حاجة، فزال عقله، فيجب عليه القضاء إذا أفاق؛ لأنه زال عقله بمحرم، فلم يسقط عنه الفرض ..

وقال الحنابلة (٢): لا تجب الصلاة على صبي ولا كافر ولا حائض أو نفساء. أما الكافر الأصلي فلا يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره، بغير خلاف للآية السابقة: {قل للذين كفروا .. } [الأنفال:٣٨/ ٨] وأسلم في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم خلق كثير وبعده، فلم يؤمر أحد منهم بقضاء، ولأن في إيجاب القضاء عليه تنفيراً عن الإسلام، فعفي عنه، كما قال الشافعية.

وأما المرتد: ففي وجوب القضاء عليه روايتان عن أحمد:

إحداهما كالحنفية: لا يلزمه؛ لأن عمله قد حبط بكفره بدليل قوله تعالى: {لئن أشركت ليَحْبطنَّ عملُك} [الزمر:٦٥/ ٣٩]، ولو حج لزمه استئناف حجه. فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه.


(١) المهذب: ١/ ٥٠ وما بعدها.
(٢) المغني: ١/ ٣٩٨ - ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>